الطاولة المستديرة تستعرض تقدم مشروع «تابي» ومساهمته في أمن الطاقة الإقليمي
في مؤتمر النفط والغاز بعشق آباد ..

عشق آباد : د. محمد سعد
شهدت فعاليات المؤتمر والمعرض الدولي للنفط والغاز في تركمانستان 2025 انعقاد طاولة مستديرة رفيعة المستوى، خُصصت لمناقشة مستقبل مشاريع الطاقة الإقليمية، وفي مقدمتها مشروع خط أنابيب الغاز «تركمانستان – أفغانستان – باكستان – الهند» (تابي)، الذي يمثل أحد أهم المشاريع الاستراتيجية لتعزيز أمن الطاقة في آسيا الوسطى وجنوبها.
تناولت الجلسة رؤى عدد من كبار المسؤولين والخبراء الدوليين حول التقدم المحرز في تنفيذ المشروع، وأبعاده الاقتصادية والجيوسياسية والإنسانية.
وقال محمد ميران أمانوف، الرئيس التنفيذي لشركة خط أنابيب تابي المحدودة (TAPI)، إن الشركة تتوقع الانتهاء من بناء قسم هرات في أفغانستان بحلول نهاية عام 2026، على أن يبدأ توريد الغاز في أواخر 2026 أو مطلع 2027، مؤكدًا أن المشروع يسير وفق الجدول الزمني المحدد، وأن المفاوضات مع الجانب الباكستاني بشأن الاتفاقيات الرئيسية في مراحلها الأخيرة.

وأوضح أمانوف أن أكثر من 90% من الأعمال قد أُنجزت بالفعل، مشيرًا إلى استمرار دعم بنك التنمية الآسيوي وتمويله المقترح الذي يتجاوز مليار دولار، إلى جانب استعداد البنك الإسلامي للتنمية للمشاركة في تمويل الجزأين الأفغاني والباكستاني من المشروع، معتبرًا أن ذلك “دليل على إمكانية تنفيذ مشاريع بهذا الحجم في منطقتنا”.
من جانبه، أكد ميرات أرتشاييف، نائب رئيس شركة تركمنغاز الحكومية، أن تركمانستان تواصل تنفيذ استراتيجية متكاملة للتنمية المستدامة في قطاع الطاقة، تهدف إلى زيادة الإنتاج وتنويع طرق التصدير وجذب الاستثمارات الدولية.
وأوضح أن حقل جالكينيش، الذي تبلغ احتياطياته أكثر من 27 تريليون متر مكعب، يمثل محور هذه الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن العمل جارٍ في أربع من مراحل التطوير السبع المخطط لها، فيما ستُطرح المرحلة الرابعة في مناقصة دولية خلال العام المقبل.
ودعا أرتشاييف الشركاء الدوليين إلى الانضمام إلى المشروع كمشاركين فاعلين وليس كمراقبين، مؤكدًا أن المشروع يتطلب المعرفة والخبرة والابتكار إلى جانب الاستثمار المالي.
وأضاف أن مشروع تابي يمثل “جسر طاقة” بين وسط وجنوب آسيا، إذ يربط موارد تركمانستان الغنية بالأسواق المتنامية في جنوب القارة، معتبرًا أنه ليس مجرد بنية تحتية، بل رمز لروح طريق الحرير الجديد. وأوضح أن الجزء التركماني من الخط قد اكتمل بناؤه، بينما بدأت أعمال البناء الفعلية في الجزء الأفغاني عام 2024، ومن المقرر توسعتها خلال 2025.

كما أشار إلى خطط لإنشاء مرافق لتخزين الغاز تحت الأرض بطاقة تصل إلى 10 مليارات متر مكعب، وتطوير الصناعات التحويلية القائمة على الغاز لزيادة القيمة المضافة، مع التركيز على خفض انبعاثات الميثان وتبني تقنيات حديثة منخفضة الانبعاثات بالتعاون مع منظمات دولية.
وفي السياق ذاته، قدمت سامانثا كارل يودر، الرئيسة المشاركة للممارسات الدولية في شركة “براونشتاين حياة فاربر شريك”، رؤية الجانب الأمريكي تجاه المشروع، مؤكدة أن الولايات المتحدة تدرس مشاركة شركاتها في كل من مشروع خط أنابيب الغاز العابر لبحر قزوين ومشروع «تابي».
وقالت يودر إن التعاون القائم مع كونسورتيوم المشروع يجري وفق الترخيص الأمريكي العام رقم (20)، الذي يتيح النشاط الاقتصادي للأغراض الإنسانية، مشيرة إلى أن حوارًا جارٍ مع الإدارة الأمريكية بشأن ترتيبات مرور الخط عبر الأراضي الأفغانية وآليات تقليل المخاطر السياسية.
وأضافت أن مشاركة شركات أمريكية كبرى مثل إكسون موبيل وشيفرون في مشاريع خطوط الأنابيب الإقليمية يمكن أن تُعزز الثقة وتُقلّل من التحديات السياسية، لافتةً إلى أن ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بفعل توسع مراكز البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي سيُبقي على الزخم حتى عامي 2050 و2060، ما يفتح آفاقًا واسعة أمام تركمانستان وشركائها.
واختتمت يودر حديثها بالتأكيد على أن مشروع «تابي» يُبرز ريادة تركمانستان في مجال التعاون الإقليمي للطاقة، مشيدة بدعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للمشروع، ومؤكدة أن هذا الدعم لاقى ترحيبًا واسعًا في واشنطن.
كما أعربت عن تقديرها لمستوى التعاون بين شركتها والحكومة التركمانية، معتبرة أن مشروع تابي لا يُسهم فقط في تزويد أفغانستان بالغاز، بل يخلق فرصًا للتنمية والبنية التحتية، ويعزز الترابط الجيوسياسي بين الدول الأربع المشاركة.



