صحة

نجاحات عالمية في التخلص من الدهون المتحولة .. النمسا والنرويج وعُمان وسنغافورة نموذجًا

كتب: سعيد الشعيلي

Advertisement

في إطار الجهود العالمية للقضاء على الدهون المتحولة من صنع الإنسان في الأغذية المصنعة، كثفت النمسا والنرويج وسلطنة عُمان وسنغافورة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، تحركاتها لمكافحة هذه الدهون قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 سبتمبر الجاري، الذي يركز على حماية الناس من الأمراض المزمنة.

ورغم أن الحروب والأزمات الصحية الأخرى تجذب اهتمام العالم، فإن التحديات الصحية الأقل وضوحًا والمتمثلة بالدهون المتحولة تشكل خطرًا صامتًا على صحة الإنسان. فالدهون المتحولة الصناعية مسؤولة عن أكثر من 278,000 حالة وفاة سنويًا حول العالم، كونها السبب الرئيسي لأمراض القلب، وهي موجودة في منتجات يومية مثل المخبوزات، الوجبات الخفيفة، والسمن النباتي.

Advertisement

تتكون هذه الدهون أثناء المعالجة الصناعية للزيوت النباتية السائلة لتصبح شبه صلبة، بهدف تحسين ملمس المنتج وطعمه ومدته الصالحة. ولا تحمل أي فوائد صحية، بل تزيد من خطورة الإصابة بأمراض القلب حتى عند استهلاكها بكميات صغيرة. ومن خلال الالتزام الجاد بالسياسات الصحية، يمكن تقليل هذه الدهون أو القضاء عليها بالكامل في الإمدادات الغذائية، بما يضمن مستقبلًا صحيًا لعشرات الملايين حول العالم.

أطلقت منظمة الصحة العالمية في 2018 مبادرة عالمية للتخلص من الدهون المتحولة في الأغذية، تلتها برامج لتكريم الدول التي تحقق نجاحًا في هذا المجال. وكانت الدانمارك وليتوانيا وبولندا والمملكة العربية السعودية وتايلند من أولى الدول المعترف بها، فيما انضمت النمسا والنرويج وسلطنة عُمان وسنغافورة مؤخرًا، ليبلغ عدد الدول المعتمدة تسعة دول ويشمل سكانها أكثر من 170 مليون شخص.

النمسا، من أوائل الدول التي فرضت قيودًا على محتوى الأغذية من الدهون المتحولة منذ 2009، شهدت انخفاضًا ملحوظًا في مستويات استهلاكها. أما النرويج، ففرضت قيودًا مشابهة منذ 2014، وأظهرت البيانات انخفاضًا تدريجيًا في المدخول الغذائي من هذه الدهون.

انضمت سلطنة عُمان في 2022 إلى جهود مجلس التعاون الخليجي بحظر إنتاج واستيراد وتسويق الزيوت المهدرجة جزئيًا، ضمن استراتيجيتها الوطنية للتغذية 2020-2030. وسنغافورة، منذ 2013، فرضت حدودًا على الدهون والزيوت في الأسواق، ثم حظرت الزيوت المهدرجة جزئيًا في الأغذية المعبأة، بالتعاون مع شركات الأغذية لإعادة تشكيل منتجاتها خالية من هذه الدهون.

كما أن شركات تصنيع الأغذية تدعم هذه المبادرات، حيث التزم أعضاء التحالف الدولي للأغذية والمشروبات بالقضاء على الدهون المتحولة في منتجاتهم، رغم أن الجهود ما تزال متفاوتة، إلا أنها تعكس تحولًا عالميًا نحو خيارات غذائية أكثر صحة.

منذ دعوة المنظمة للتخلص من الأحماض الدهنية المتحولة قبل سبع سنوات، ارتفع عدد الدول المطبقة للسياسات من 11 دولة بنسبة 6% من سكان العالم إلى نحو 60 دولة تشكل 46% من السكان، بما في ذلك الدول التسع المعتمدة حاليًا. كما وضع الاتحاد الأوروبي حدًا قانونيًا لا يزيد فيه محتوى الدهون المتحولة عن 2 غرام لكل 100 غرام من الزيوت أو الدهون.

وتُعد نظم الرصد الوطنية الصارمة والتطبيق الفعّال للسياسات من عوامل النجاح الأساسية في القضاء على هذا الخطر. وأثبتت النمسا والنرويج وسلطنة عُمان وسنغافورة أن الالتزام القوي والعمل المستند إلى بيانات دقيقة يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، فيما يظل استمرار المراقبة والمتابعة أمرًا ضروريًا لضمان فعالية هذه السياسات.

ودعت الدول الأربع ومنظمة الصحة العالمية جميع الحكومات إلى الانضمام إلى هذه الحملة لتحقيق عالم خالٍ من الدهون المتحولة، وإنهاء الوفيات التي يمكن تجنبها، وتوفير أغذية أكثر أمانًا وصحة للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى