جلسات المؤتمر العالمي للسرطان تبحث مستقبل الوقاية والعلاج بالتقنيات الذكية في مسقط

مسقط: هرمز نيوز
تواصلت في مسقط أعمال المؤتمر العالمي للسرطان والقمة والمعرض المصاحب لعام 2025، لليوم الثاني على التوالي، بمشاركة نخبة من الخبراء والأطباء والباحثين من سلطنة عُمان وعدد من دول العالم، لمناقشة أحدث التطورات في أبحاث السرطان ووسائل الوقاية والعلاج.
وأكدت الجلسات العلمية أن مستقبل مكافحة السرطان يعتمد على الدمج بين البحث العلمي المتقدم والتقنيات الرقمية الذكية، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الجينومية، لتطوير استراتيجيات دقيقة في التشخيص والعلاج.
كما شددت على أهمية تعزيز التعاون بين المراكز البحثية الإقليمية والعالمية، وتوسيع برامج التدريب وبناء القدرات الوطنية في مجال الأورام، لضمان استدامة الجهود وتحقيق العدالة في الحصول على الرعاية الصحية.

وأبرزت الجلسات البعد الإنساني في رحلة المريض، مؤكدة ضرورة تطوير برامج متكاملة للدعم النفسي وإعادة التأهيل، وإشراك المتعافين في جهود التوعية باعتبارهم قدوات مجتمعية تنشر الأمل وتعزز روح المقاومة الإيجابية.
من جانب آخر، تناولت المناقشات أهمية الشراكات الدولية وتبادل الخبرات في مجال التقنيات العلاجية المتقدمة، مشيرة إلى أن المؤتمر يُعد منصة عالمية تجمع بين المؤسسات البحثية والمستشفيات المتخصصة لتوحيد الجهود وتسريع الوصول إلى علاجات أكثر فاعلية وأقل كلفة.
وشهد اليوم الثاني من المؤتمر ثلاث جلسات علمية رئيسية ناقشت أحدث التطورات في مجالات الوقاية والتشخيص والعلاج، مع تركيز خاص على التقنيات الإشعاعية ودور المنظمات غير الحكومية في تعزيز جهود مكافحة المرض.

الوقاية من السرطان واستراتيجيات التوعية
في الجلسة الأولى بعنوان “الوقاية من السرطان.. استراتيجيات وطنية واستثمار في الوعي”، أكد المشاركون أن تبنّي استراتيجيات وطنية شاملة للوقاية والتشخيص المبكر يشكل الأساس لتقليل العبء الصحي والاجتماعي للمرض.
وأشاروا إلى أن الاستثمار في التوعية الصحية، والتحصين باللقاحات، وتغيير أنماط الحياة يمثل ركائز أساسية للحد من انتشار السرطان، مؤكدين أهمية دمج هذه الجهود ضمن السياسات الصحية الوطنية لضمان استدامتها وفعاليتها.
سرطان الثدي والتطورات العلاجية
في محور “سرطان الثدي والتطورات الحديثة في العلاج والجراحة الروبوتية”، استعرضت الدكتورة جاياناتي ثومسي تقنيات استئصال الثدي الروبوتي، مشيرة إلى أن هذه الأساليب تسهم في تحسين النتائج الجمالية والوظيفية بعد الجراحة.

كما ناقش الخبراء دور الطب الدقيق في تخصيص العلاج وفقًا للخصائص الجينية لكل مريض، وأهمية الدمج بين العلاج المناعي والعلاجات الموجهة لرفع معدلات الشفاء في حالات السرطان الثلاثي السلبي.
وقدّم الدكتور محمد جابر عرضًا مرئيًا حول تقنية جديدة لإعادة بناء الحلمة والهالة تُعرف بـ”فيكس نيب–نيبل”، فيما استعرض البروفيسور ديميتريوس فارفراس والدكتورة أرتيفا الشمري أحدث التطورات في جراحة أورام الثدي وتقنيات إعادة البناء.
الأورام المتنوعة والتقنيات المتقدمة
وفي محور “أورام متنوعة.. من الكشف المبكر إلى إعادة البناء الدقيق”، عُرضت دراسات حول الوقاية من سرطان الجلد، والكشف المبكر عن سرطان الفم والثدي في سلطنة عُمان.
كما دعا المتحدثون إلى إدراج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري ضمن برامج الوقاية الوطنية للحد من معدلات سرطان عنق الرحم، إضافة إلى مناقشة التطورات في علاج الأورام العصبية وأورام الأطفال باستخدام مثبطات إنزيم (IDH) والعلاج الإشعاعي الشبكي.
العلاج الإشعاعي وثورات التقنية
أما الجلسة الثانية، المخصصة لمحور “العلاج الإشعاعي والثورات التقنية في مكافحة الأورام”، فاستعرض خلالها الخبراء أحدث تقنيات العلاج الإشعاعي، منها العلاج التجسيمي (SBRT) باستخدام السايبر نايف والعلاج بالبروتونات (PBT)، بوصفها نقلة نوعية في علاج السرطان المتقدم.
كما عرضت الدكتورة س. م. سونيثا دور تقنية الرنين المغناطيسي الخطي (MR-Linac) في توجيه الأشعة بدقة مع الحفاظ على الأنسجة السليمة، فيما ناقش الدكتور زاهد المنذري نتائج استخدام العلاج الإشعاعي المعزز قبل الجراحة لسرطان الثدي المبكر.
وتناول المشاركون أيضًا استخدام تقنية DOTA PET/CT في تشخيص الأورام السحائية الدماغية، والعلاج الموضعي لأورام الجلد، والعلاج بالبروتونات لسرطان المستقيم، لما توفره من نتائج علاجية دقيقة تقلل الأعراض الجانبية وتحسن معدلات البقاء على قيد الحياة.
المنظمات غير الحكومية ودورها المجتمعي
وفي الجلسة الثالثة بعنوان “دور المنظمات غير الحكومية.. شراكات مجتمعية وإبداع في التوعية”، شاركت صاحبة السمو الملكي الأميرة دينا مرعد الرئيسة السابقة للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، إلى جانب الدكتورة سوسن الماضي وسعادة الشيخ الدكتور خالد بن جبر آل ثاني وسارة ناجي، حيث استعرضوا تجارب ناجحة في الشراكات المجتمعية وجمع التبرعات وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
كما ناقش المتحدثون دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر رسائل التوعية، وعُرضت مبادرات مبتكرة للتثقيف حول سرطان الثدي ونمط الحياة الصحي كوسيلة فعالة للوقاية.
واختُتمت فعاليات اليوم الثاني بحلقة عمل حول “توجيه مرضى السرطان”، أكدت أهمية التكامل بين العمل المجتمعي والمؤسسي لتوسيع نطاق الوقاية والرعاية.
وأجمع المشاركون على أن الدمج بين التقنيات الطبية الحديثة والوعي المجتمعي والشراكات المؤسسية يُعدّ المسار الأمثل للحد من انتشار المرض وتعزيز جودة حياة المرضى، مؤكدين أن الوقاية والتشخيص المبكر والبحث العلمي هي الركائز الثلاث الأساسية لمكافحة السرطان.



