افتتاح “البيت الوطني التأهيلي” .. صرح جديد للرعاية الصحية المتكاملة

مسقط : هرمز نيوز
في خطوة تعزز مسيرة التحول في القطاع الصحي التأهيلي بسلطنة عُمان، افتتحت الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا رسميًا “البيت الوطني التأهيلي”، تحت رعاية سعادة الدكتور أحمد بن محمد المنظري، وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتنظيم الصحي، وبحضور عدد من أصحاب السعادة السفراء، والمسؤولين من القطاعين المحلي والدولي، ونخبة من الكوادر الصحية.
ويُعد هذا الافتتاح نقطة تحوّل في مسيرة المركز، حيث انتقل من مرحلة العمل التجريبي إلى التشغيل الكامل بطاقته الاستيعابية، ليصبح صرحًا وطنيًا رائدًا يعكس التوجهات الحكومية نحو تطوير منظومة الرعاية الصحية الحديثة، عبر تقديم خدمات تأهيلية شاملة تضع المريض في صميم الرعاية، وتستهدف إعادة بناء قدراته وتحقيق مرحلة التعافي والاندماج المجتمعي.
نموذج متكامل للتأهيل الصحي
يمثل المركز ثمرة شراكة بين الرؤية الأكاديمية للجامعة الوطنية وأهداف القطاع الصحي الحكومي، ليكون أكثر من مجرد مرفق علاجي، بل مركزًا للابتكار والبحث والتعليم في مجال علوم التأهيل. وقد تم تصميمه ليقدم نهجًا علاجياً متكاملاً يراعي الأبعاد الجسدية والنفسية والاجتماعية للمرضى، بما يتماشى مع تطلعات رؤية عُمان 2040 وخطة التنمية الخمسية العاشرة، الرامية إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز استدامة الخدمات الصحية.
وفي كلمته خلال الحفل، صرّح الدكتور علي بن سعود البيماني، نائب رئيس الجامعة الوطنية، بأن “البيت الوطني التأهيلي يجسد التزام الجامعة بدعم القطاع الصحي وتحقيق أثر إيجابي في حياة الأفراد”، واصفًا المركز بأنه “شعلة أمل لكل من يحتاج إلى رعاية تأهيلية تسهم في استعادة كرامته واستقلاليته”.
بنية متكاملة وخدمات تخصصية
يضم المركز ثلاثة أقسام رئيسية: العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق واللغة، ويعمل من خلال فريق طبي متخصص يطبق نموذج رعاية محورها المريض، يضع في مقدمة أولوياته الحفاظ على الكرامة الإنسانية وتمكين الأفراد.
العلاج الطبيعي يركز على استعادة الحركة وتقليل الألم وتحسين القوة البدنية.
العلاج الوظيفي يساعد الأفراد من جميع الأعمار على استعادة مهاراتهم الحياتية اليومية.
علاج النطق واللغة يتعامل مع صعوبات التواصل والبلع، عبر خطط علاجية تُشرك الأسرة في مراحل التعافي.
كما يقدّم المركز برامج تأهيلية متخصصة تشمل الأمراض العصبية، وتأهيل كبار السن، وصحة المرأة، وتأهيل الأطفال، والتأهيل بعد الإصابات العضلية والرياضية، مما يجعله مركزًا شاملاً يلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع.
دعم واسع وشراكة متعددة الأطراف
شهد الافتتاح حضور عدد من الشخصيات البارزة الذين أسهموا في تأسيس ودعم المركز، ومنهم سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية، والعميد عبدالملك الخروصي، وسعادة الدكتور جمعة الكعبي، وسعادة جي. في. سرينيفاس، والدكتور عبدالله بن محمد الصارمي، إلى جانب فدوى بنت سالم آل فنه العريمية، رئيسة المجلس الإشرافي للمركز، والدكتور محمد علي، رئيس مجلس الإدارة، ومعالي الدكتور هلال السبتي، وزير الصحة.
وأعرب الدكتور البيماني عن امتنانه لهذا الدعم المتكامل، مؤكدًا أن المركز هو نتاج رؤية تشاركية تسعى إلى تعزيز جودة الخدمات الصحية في السلطنة.
رسالة إنسانية تتجاوز العلاج
وأكدت قيادة المركز التزامها بتقديم رعاية شاملة تراعي البعد الإنساني، حيث قالت فدوى آل فنه العريمية: “البيت الوطني التأهيلي ليس مجرد منشأة طبية، بل هو فضاء يعيد الأمل والكرامة، ويساعد المرضى على استعادة حياتهم الطبيعية”. كما أشارت الدكتورة سامية الرئيسية، مديرة المركز، إلى أن “هذا التدشين يمثل بداية جديدة نحو إعادة القدرة والحركة والكرامة للمرضى، من خلال رعاية متخصصة وإنسانية”.
عقب حفل الافتتاح، قام الحضور بجولة تعريفية في أقسام المركز، بقيادة الدكتورة سامية وعدد من المعالجين المتخصصين، للاطلاع على الإمكانيات التقنية والكوادر البشرية التي يمتلكها المركز.
مركز للتعليم والبحث.. لا للعلاج فقط
إلى جانب كونه منشأة علاجية، يُمثل المركز منصة للبحث العلمي والتعليم والتدريب المهني في علوم التأهيل، إذ يندرج ضمن الإطار الأكاديمي للجامعة الوطنية، مما يؤهله للعب دور ريادي في صياغة مستقبل الطب التأهيلي في السلطنة، وتعزيز الابتكار في الممارسة الإكلينيكية.
إن البيت الوطني التأهيلي اليوم لا يُعد مجرد مركز صحي، بل حجر أساس في بناء نموذج مستدام للرعاية الصحية، يدمج التخصصية بالرحمة، والمعرفة بالتطبيق، والشفاء بالكرامة.