
مسقط : هرمز نيوز
حققت سلطنة عُمان إنجازًا بيئيًا بارزًا بتصدرها المركز الأول على مستوى الدول العربية، والمرتبة 22 عالميًا في مؤشر التلوث البيئي العالمي لعام 2025. هذا التقدم يعزز مكانة السلطنة على الخارطة البيئية العالمية ويجعلها نموذجًا يُحتذى به في تبني السياسات البيئية الخضراء، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي ويجذب الاستثمارات المستدامة، خاصة من الشركات العالمية التي تفضل بيئات آمنة بيئيًا لممارسة أنشطتها الاقتصادية.
اقتصاديًا، يدعم هذا الإنجاز نمو قطاع السياحة البيئية الذي يشهد اهتمامًا متزايدًا عالميًا، كما يسهم في استقطاب مؤسسات وشركات دولية تضع الاستدامة في صلب أولوياتها، مما يعزز الاقتصاد الأخضر ويدعم دعائم التنمية المستدامة في السلطنة.
ويعد هذا الإنجاز دليلاً ملموسًا على فاعلية الجهود والتشريعات البيئية الصارمة التي تبنتها السلطنة، والتي ساهمت بشكل كبير في تحقيق أهداف الاستدامة وتعزيز الوعي البيئي على المستويين المحلي والإقليمي. ويأتي ذلك نتيجة حزمة من العوامل، أبرزها تطوير الإطار القانوني والتنظيمي لحماية البيئة.
حرصت هيئة البيئة في السلطنة على سنّ لوائح صارمة لضبط الأنشطة الصناعية والتجارية والإنشائية، بما يضمن التزامها بالمعايير البيئية المعتمدة. ومن أهم هذه التشريعات “لائحة تنظيم التصاريح البيئية”، التي تهدف إلى ضمان السلامة البيئية للمشاريع من خلال تصنيفها وفق درجة تأثيرها البيئي. وتُلزم اللائحة أصحاب المشاريع برصد الانبعاثات، وإدارة النفايات، والامتثال لمعايير دقيقة، إضافة إلى آليات الرقابة والتفتيش الصارمة، وفرض عقوبات مشددة على المخالفين.
تُشكّل الرقابة البيئية المستمرة ركيزة أساسية في ضمان الالتزام بالمعايير الوطنية، حيث تنفذ الهيئة زيارات تفتيشية دورية ومفاجئة لمختلف القطاعات الصناعية والتجارية والإنشائية للتأكد من التزامها بالضوابط البيئية.
وفي إطار التوجه نحو الاقتصاد الأخضر، تسعى الهيئة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ترتكز على حماية البيئة، عبر دعم مشاريع الطاقة المتجددة والتكنولوجيا البيئية. تشمل المبادرات تشجيع الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة، وتعزيز مفاهيم الاقتصاد الدائري من خلال إعادة تدوير النفايات وتحفيز الشركات على استخدام الموارد المستدامة.
كما تروج الهيئة لمفهوم “المباني الخضراء” التي تعتمد تقنيات كفاءة الطاقة وتخفض استهلاك الموارد، إلى جانب دعم البحث العلمي والابتكار في مجالات مثل تنقية المياه وإدارة النفايات بطرق صديقة للبيئة.
وتنفذ الهيئة برامج واستراتيجيات بيئية متكاملة تتماشى مع أهداف “رؤية عُمان 2040″، وتركز على خفض معدلات التلوث وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة. ففي مجال مراقبة جودة الهواء، تم نشر محطات رصد حديثة مرتبطة بمنصة “نقي” موزعة في مختلف أنحاء السلطنة، تقيس مستويات الجسيمات الدقيقة والغازات الضارة، مما يسهم في تحسين جودة الهواء.
وتلزم الهيئة المصانع بتطبيق معايير صارمة للحد من الانبعاثات الضارة، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعوية لرفع الوعي المجتمعي بأضرار التلوث على الصحة العامة. وفي مجال إدارة النفايات، تُنفذ حاليًا استراتيجية وطنية متكاملة تشمل تطوير منظومة متقدمة للتخلص السليم من النفايات، وفرض حظر على استخدام الأكياس البلاستيكية واستبدالها ببدائل صديقة للبيئة، في خطوة تهدف إلى الحد من التلوث وتعزيز الاستهلاك المسؤول.