جامعة التقنية تنظم ورشة حول الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات لتعزيز النزاهة البحثية

كتبت : جنان آل عيسى
قدّمت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ممثلة في كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي اليوم (الأربعاء) ورشة عمل متخصصة بعنوان “الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والتقنيات المتقدمة”، وذلك بمركز بحوث الإنتاج الحيواني التابع للمديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في الرميس.
هدفت الورشة إلى تعزيز الفهم العميق لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، وتسليط الضوء على الأبعاد الأخلاقية المصاحبة لاستخدام التقنيات الحديثة، إلى جانب استعراض الفرص والتحديات التي تطرحها التقنيات المتقدمة في دعم الابتكار والتنمية المستدامة في القطاعات الزراعية والبيئية والتعليمية.

قدّم الورشة الدكتور مصعب الراوي، مدير كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالجامعة، مستعرضًا التحولات الجذرية التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في التعليم والبحث العلمي عالميًا، مؤكدًا أن التطور التقني المتسارع يجب أن يقترن بالتزام أخلاقي راسخ، وبناء أنظمة ذكية قائمة على الشفافية والموثوقية والعدالة.
وأوضح الدكتور الراوي أن دمج الذكاء الاصطناعي في الأوساط الأكاديمية لا يمثل مجرد نقلة تقنية، بل مسؤولية إنسانية وأخلاقية تتطلب وعيًا مؤسسيًا ومجتمعيًا لحماية خصوصية الأفراد وضمان النزاهة في إنتاج المعرفة العلمية، إضافة إلى الحد من الانحيازات الخوارزمية التي قد تؤثر على مصداقية النتائج البحثية.

وتضمّنت الورشة جانبًا عمليًا تطبيقيًا تم خلاله تدريب المشاركين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للكشف عن حالات الانتحال والبيانات المصطنعة والممارسات البحثية غير الأخلاقية، عبر تطبيقات عملية على دراسات حالة واقعية، واستخدام أنظمة تحليل النصوص والبيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن الانتحال والتلاعب في نتائج البحوث، مما أسهم في تعزيز قدرات الباحثين على حماية النزاهة العلمية.
وأشار الدكتور الراوي إلى أن التقارير الدولية تشير إلى ارتفاع بنسبة تتجاوز 134% في حالات الانتحال المدعوم بالذكاء الاصطناعي خلال العامين الماضيين، داعيًا إلى تحرك مؤسسي عاجل لوضع سياسات واضحة تضمن الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات. وأكد أن سلطنة عُمان تمضي بثبات نحو بناء منظومة وطنية للبحث العلمي القائم على الأخلاقيات والابتكار، من خلال مبادرات يقودها كرسي الإيسيسكو بالتعاون مع مؤسسات بحثية متخصصة مثل مركز بحوث الإنتاج الحيواني.

من جانبه، أوضح المهندس ماهر بن غريب المعولي، مدير مركز بحوث الإنتاج الحيواني، أن هذه الورشة تأتي ضمن حرص المركز على مواكبة التطورات التقنية الحديثة واستثمار الذكاء الاصطناعي في مجالات البحث والتطوير الزراعي والحيواني، بما يسهم في رفع الكفاءة والإنتاجية وتعزيز الأمن الغذائي في السلطنة، إلى جانب مدّ جسور التعاون بين الباحثين والخبراء من مختلف المؤسسات الأكاديمية.
وشهدت الورشة نقاشات موسعة بين المشاركين حول إعداد مدونات سلوك وطنية لأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، وبناء القدرات الوطنية في مجالات تحليل البيانات والتعلّم الآلي، مؤكدين أن التقنيات الذكية تُسهم في تطوير منظومات البحث الزراعي والحيواني عبر تحسين كفاءة الإنتاج ورصد وتحليل البيانات البيئية بما يدعم الأمن الغذائي والاستدامة.

واختُتمت أعمال الورشة بعدد من التوصيات المهمة، أبرزها:
تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية لتطوير إطار وطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، تكثيف البرامج التدريبية في مجال النزاهة البحثية، إدماج مفاهيم الأخلاقيات الرقمية في المناهج التعليمية بالجامعات والكليات التقنية.
وأكد المشاركون أن هذه الورشة تمثل خطوة نوعية نحو ترسيخ ثقافة المسؤولية والشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي، وتعكس التزام سلطنة عُمان بتبنّي التقنيات الحديثة بروح من النزاهة والابتكار المستدام.



