“النمو المتسارع للأنشطة التجارية في سلطنة عُمان : فرصة للاستثمار المستدام”
مسقط – هرمز نيوز
يُعد قطاع التجارة في سلطنة عُمان أحد الركائز الأساسية لاقتصاد البلاد ، حيث يساهم بشكل كبير في تنويع مصادر الدخل الوطني وتعزيز الاستدامة المالية. وفي إطار رؤية “عُمان 2040″، التي تركز على تعزيز الاقتصاد غير النفطي ، شهد قطاع التجارة العديد من التطورات في السنوات الأخيرة ، مما يعكس التزام الحكومة بتوفير بيئة استثمارية جاذبة.
نمو قطاع التجارة في سلطنة عُمان
وفقا للإحصاءات الرسمية ، بلغ إسهام قطاع التجارة في الناتج المحلي الإجمالي 18.4 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2023، محققًا زيادة بنسبة 18.6% مقارنة بعام 2020 الذي سجل 15.5 مليار ريال. وارتفع إسهام القطاع من 45.3% في عام 2023 إلى 46.7% في النصف الأول من عام 2024، حيث بلغ 9.79 مليار ريال عُماني. هذا النمو يعكس التوجه الاستثماري القوي في قطاع التجارة، بالإضافة إلى السياسات الحكومية التي تدعم النمو الاقتصادي.
تجارة الجملة والتجزئة : محرك رئيسي للنمو
تعد تجارة الجملة والتجزئة من الأنشطة التجارية الرئيسة في سلطنة عُمان، حيث تجاوز إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي 2.4 مليار ريال عُماني سنويًا. في عام 2023، سجلت هذه الأنشطة إسهامًا قدره 3.16 مليار ريال عُماني، محققة زيادة بنسبة 28.4% مقارنة بعام 2020. كما شهد النصف الأول من عام 2024 نموًا ملحوظًا في هذه الأنشطة، مما يدل على زيادة الطلب على السلع والخدمات المحلية.
تأتي هذه الزيادة في إسهام تجارة الجملة والتجزئة نتيجة لتحسن البيئة التجارية في السلطنة، التي تركز على تعزيز القدرة التنافسية من خلال التسهيلات المالية والإدارية، وتقديم حلول مبتكرة لتلبية احتياجات السوق المحلي والدولي.
الأنشطة العقارية : ازدهار متواصل
سجلت الأنشطة العقارية في سلطنة عُمان أيضًا تحسنًا ملحوظًا في إسهامها بالناتج المحلي الإجمالي، حيث ارتفعت من 1.025 مليار ريال عُماني في عام 2022 إلى 1.060 مليار ريال عُماني في 2023، محققة نموًا بنسبة 3.4%. كما شهد النصف الأول من عام 2024 إسهامًا قدره 560.5 مليون ريال عُماني، ما يعكس نموًا مستمرًا في القطاع العقاري.
تزايد الاهتمام بالاستثمار في الأنشطة العقارية يأتي في وقت تشهد فيه البلاد تحولًا في تطوير البنية التحتية والمدن المستدامة. سياسات الحكومة تهدف إلى تعزيز الاستثمارات في قطاع العقارات، خاصة في مجالات التطوير الحضري والمشاريع السكنية والتجارية الكبرى.
تحسين بيئة الأعمال: سياسات جديدة وداعمة
أشارت نصرة بنت سلطان الحبسية، مدير عام التجارة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، إلى أن هذه النتائج هي نتاج الجهود الحكومية المستمرة لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز الأنشطة التجارية. وأكدت أن الوزارة تواصل العمل على تبسيط الإجراءات الإدارية، وتطوير البنية التحتية، وزيادة التسهيلات للمستثمرين. كما تم إطلاق مبادرات جديدة تهدف إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتسهيل إجراءات بدء الأعمال.
وأوضحت الحبسية أن الحكومة تعمل على تطوير البنية الأساسية بشكل مستمر، بما في ذلك تحسين الموانئ والمناطق اللوجستية. هذه التحسينات تعزز قدرة سلطنة عُمان على أن تصبح مركزًا تجاريًا إقليميًا، وتساهم في تسهيل التجارة الدولية. كما يتم التركيز على تطوير الخدمات اللوجستية لتوفير بيئة تجارية متكاملة للمستثمرين.
الابتكار في قطاع التجارة: أهمية التجارة الإلكترونية وريادة الأعمال
أحد المحاور الرئيسية في تطوير قطاع التجارة في سلطنة عُمان هو التركيز على التجارة الإلكترونية، التي أصبحت جزءًا أساسيًا من الاقتصاد العالمي. تسعى وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إلى تطوير منصات إلكترونية متقدمة، تساهم في تسهيل العمليات التجارية، وتوفير فرص جديدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما تسهم الوزارة في تمكين ريادة الأعمال من خلال تقديم الدعم المالي والفني للمشروعات الناشئة.
تشير الإحصاءات إلى أن قطاع التجارة الإلكترونية شهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وهو ما يساهم في تلبية احتياجات المستهلكين في الأسواق المحلية والدولية.
توجهات المستقبل: تحقيق نمو مستدام
تتوقع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار استمرار النمو في قطاع التجارة في السنوات القادمة، بما يتماشى مع أهداف رؤية “عُمان 2040”. تسعى الوزارة إلى تعزيز التنويع الاقتصادي من خلال دعم الأنشطة التجارية المتنوعة، وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأكدت الحبسية أن الوزارة تواصل العمل على جذب الاستثمارات، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتوسيع نطاق الأنشطة التجارية. مشيرة إلى أن القطاع التجاري في سلطنة عُمان سيشهد مزيدًا من التحسن في المستقبل القريب، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.
من خلال هذه الجهود ، تواصل سلطنة عُمان تعزيز مكانتها كوجهة تجارية رائدة في المنطقة ، مما يساهم في تحقيق النمو المستدام والازدهار الاقتصادي على المدى الطويل.