وثيقة تكشف تحذيرات المخابرات الجوية السورية لعناصر الجيش: انشقاقات وفساد يعصف بالقوات المسلحة
هرمز نيوز: سياسة
نقلت وكالة رويترز عن وثيقة عثر عليها في مقر المخابرات الجوية السورية في دمشق، أن إدارة المخابرات قد حذرت عناصر الجيش من عقوبات قاسية في حال عدم مواجهتهم للمعارضة المسلحة. وكان ذلك في الأيام الأخيرة قبيل سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد.
التهديدات بالانشقاق والعقوبات
وفقًا للوثيقة الصادرة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، والتي اطلعت عليها رويترز، اتهمت الإدارة العامة للمخابرات الجوية، وهي إحدى الأجهزة الأمنية المقربة من عائلة الأسد، جنود الجيش بالتراخي في أداء مهامهم، خصوصًا في نقاط الحراسة المنتشرة في أنحاء البلاد. وفيما كانت الأوامر تتوالى، بدأ العديد من الجنود والضباط في الانشقاق.
المصادر نفسها نقلت عن ضباط سابقين في قوات النظام السوري المنحل أن الانشقاقات تزايدت بشكل ملحوظ رغم التهديدات بالعقوبات. أحد الضباط الذين انشقوا قال: “على الرغم من جميع الأوامر، بدأ الكثير من الجنود في مغادرة مواقعهم وارتداء ملابس مدنية للعودة إلى منازلهم.”
الغضب من القيادة وتدهور الأوضاع الاقتصادية
من جانب آخر، كانت هناك حالة من الغضب المتزايد بين الضباط، خاصة من أصحاب الرتب المتوسطة. وذلك بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية التي كانت تؤثر بشكل كبير على الرواتب والظروف الحياتية. ورغم المرسوم الذي أصدرته الحكومة السورية في عام 2021 والذي رفع الرواتب العسكرية إلى ضعفها تقريبًا لمواكبة التضخم، إلا أن القوة الشرائية للجنود تدهورت بشدة نتيجة انهيار الليرة السورية أمام الدولار.
أحد الضباط الذي تقاعد حديثًا تحدث عن الأوضاع داخل الجيش قائلاً: “لقد كنا نعيش في مجتمع مخيف، حيث لا يمكن لأحد أن يتحدث عن الفساد دون التعرض للاستجواب في محكمة عسكرية.”
الفساد في الجيش السوري: سرقة الموارد واستغلال المناصب
أكد ضابط مخابرات عسكري سابق أن الفساد داخل الجيش كان أحد العوامل التي ساهمت في تراجع الولاء لقائد النظام بشار الأسد. وقال زهير، وهو جندي سابق في الجيش السوري، أنه كان يشاهد ضباطًا يسرقون مولدات كهرباء ووقودًا لبيعها في السوق السوداء.
وأضاف زهير: “لقد قاتلنا من أجل الأسد، ولكننا شعرنا بالخذلان عندما بدأنا نرى كيف يتم استغلال مناصبهم العسكرية للثراء الشخصي على حساب الشعب السوري.”
السخط تجاه الأسد: حتى بين مؤيديه من الطائفة العلوية
واحدة من أكثر النقاط التي تبرز في الوثيقة هي أن السخط ضد الأسد بدأ يشمل حتى بعض مؤيديه المقربين من الطائفة العلوية. بحسب مصدر مقرب من الجيش، فإن هذا التململ المتزايد يعكس تدهور الوضع العسكري والسياسي في سوريا، حيث أصبح من الواضح أن الجيش يعاني من نقص الولاء والموارد.
الختام
لقد أظهرت الوثيقة المسربة من المخابرات الجوية السورية حجم الصراعات الداخلية التي يعاني منها النظام السوري، والتي تفاقمت بسبب الانشقاقات العسكرية المتزايدة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، فضلاً عن انتشار الفساد بين كبار الضباط. هذه الظروف تبرز التحديات الكبيرة التي واجهها الجيش السوري في السنوات الأخيرة، كما تكشف عن تآكل الثقة بين القوات المسلحة والنظام الحاكم.
في الوقت الذي تكافح فيه سوريا للخروج من أزماتها المستمرة، تبقى هذه الوثائق شاهدًا على هشاشة نظام الأسد ومدى تعقيد الوضع الداخلي الذي يواجهه.