رفعت الأسد: هروب من العدالة وقضايا غسل الأموال وجرائم الحرب
هرمز نيوز:سياسة
قالت مجلة لوبوان الفرنسية إن رفعت الأسد، عم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، غادر فرنسا إلى سوريا عام 2021، مفلتا من العقاب، ومنذ ذلك الحين لم تُكشف أي معلومات حول مكانه أو وضعه بعد سقوط ابن أخيه.
في تقرير موسع، تساءلت المجلة – من خلال الكاتب نيكولا باستوك – عن مصير الرئيس السابق لـ سرايا الدفاع، الذي أُدين في فرنسا عام 2021 بتهم مكاسب غير مشروعة تُقدر بنحو 90 مليون يورو، وكذلك محاكمته في سويسرا بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بعدما ارتكب مجزرة حماة في الثمانينات، وأسفرت عن مقتل آلاف المدنيين ومعارضي النظام.
رفعت الأسد: من قائد عسكري إلى مُدان دولياً
كان رفعت الأسد (87 عامًا) الأخ الأصغر للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وقد قاد قوات الأمن الداخلي في أوائل الثمانينات، واشتهر بتورطه في مجزرة حماة 1982، حيث قصف ضواحي المدينة وأعدم آلاف المدنيين، انتقامًا لهجمات جماعة الإخوان المسلمين. كما أمر في عام 1980 بإعدام نحو ألف معتقل في سجن تدمر بعد أن تم حشرهم في ساحة السجن.
نفي طوعي وحياة في فرنسا
في عام 1984، بعد فشله في الاستيلاء على السلطة إثر مرض شقيقه حافظ الأسد، اختار رفعت الأسد النفي الطوعي إلى فرنسا، حيث استقر هناك بعد إقامة قصيرة في سويسرا. ومنحت له فرنسا مأوى فاخرا، ليعيش محاطًا بحاشية من حوالي 200 خادم، في حين كانت حكومته السورية قد قررت تجنب أزمة نظامية قد تؤدي إلى حرب أهلية. وفقًا لقضاة محكمة الاستئناف في باريس، تم التفاوض على نفيه ماليًا لمنع الدماء بين الأخوين.
إدانة واتهامات دولية
عام 2021، أصدرت المحكمة الفرنسية حكمًا بسجن رفعت الأسد أربع سنوات، إلى جانب مصادرة جميع ممتلكاته في فرنسا. وكان قد اكتسب ثروة ضخمة منذ الثمانينات من دون أن يسجلها باسمه، بل عمد إلى إخفاء مصادرها عبر شركات في لوكسمبورغ وليختنشتاين وجزر الأنتيل الهولندية.
وبحسب التقارير الفرنسية، فإن رفعت الأسد تلقى بين 200 و300 مليون دولار من خزائن الدولة السورية بمساعدة ليبيا، وهو ما أثار مزاعم غسل الأموال والاحتيال الضريبي. كان يمتلك عقارًا ضخمًا في بيسانكور، يضم مزرعة خيول وقلعة، وتمت مصادرته بعد إدانته. ولا يزال القضاء الفرنسي يتابع عملية تصفية الممتلكات المصادرة.
مصير رفعت الأسد بعد الحكم النهائي
في سبتمبر 2022، أصبح حكم إدانة رفعت الأسد نهائيًا بعد رفض الطعن بالنقض الذي تقدم به محاموه. ورغم هذه الإدانة القوية، لم يقضِ رفعت الأسد يومًا في السجن، حيث تمكن من مغادرة فرنسا بعد هروبه إلى سوريا، لتظل قضية إفلاته من العقاب مثارًا للجدل.
محاكمة في سويسرا: جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
من جهة أخرى، كانت سويسرا قد نظرت في محاكمة رفعت الأسد بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتضمنت التهم ما قام به من قتل جماعي لآلاف الأشخاص خلال الفترة التي كان فيها قائدًا عسكريًا في سوريا. ومع هذه المحاكمات الدولية، تبقى القضية شائكة، خاصة مع التقارير التي تبرز فشل العدالة في محاسبة الأشخاص المسؤولين عن جرائم بحق الإنسانية.
قضايا مستمرة: الطرد من ممتلكات رفعت الأسد
وفي نوفمبر 2023، تناولت محكمة مونتمورنسي المحلية قضية حوالي 20 عائلة ما زالت تعيش في أحد ممتلكات رفعت الأسد، حيث يسعى القضاء الفرنسي إلى طردهم، في خطوة أخرى لتعزيز جهود استرداد الأصول التي تمت مصادرها من العائلة.
خلاصة: رفعت الأسد والإفلات من العدالة
رغم صدور حكم إدانة نهائي ضد رفعت الأسد في فرنسا، تمكن من الهروب إلى سوريا ليظل بعيدًا عن أي محاسبة حقيقية. تبقى تساؤلات عديدة حول قدرة العدالة الدولية على ملاحقة كبار المسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية، في ظل استمرار النفوذ السياسي والمالي لبعض هؤلاء الأشخاص. تبقى قضية رفعت الأسد واحدة من أبرز الأمثلة على الإفلات من العقاب في العصر الحديث.