وطن على ورق …
بقلم : مريم الشكيلية
سألتك مرة وأنا متشبثة أمام شاشة التلفاز ، وأرى وطن برائحة دخان ودماء …كيف يكون لنا وطن يُغتال في المخيلة؟!..
كيف تكون لنا هوية على ورق نكتبها بمداد قلم ، وهناك من يكتبون أوطانهم بشرايين ودم؟!..
أجبتني يومها وأنت تقف على ناصية قلم ، وكأن الصرير الذي يجر قدماه على الورق ليس قلماً يكتب ، وإنما كان حرف يحفر ما أريد قوله على ذاكرة وطن قبل أن يصل ذاكرتي … قلت حينها الأوطان مرة تحملنا ومرة نحملها …
الأوطان لا تقبل بمهر قليل …
قلت : متعجبة وأنا أنظر إليك من خلف زجاج الورق
كيف؟!
أجبتني إما أن يكون مهرها دمك ، أو أستقيل من هويتها وهويتك ، ومزق كل شعار غير مغروس في لحمك ، وتربتك …
هل تعلم أن تلك الكلمات التي أجبتني بها الآن تتردد كأجراس الكنائس في ذاكرتي …
والمهر المدفوع ينضح في وجه الطفولة وأسقف المنازل وعلى ملامح الأحلام…
وأن كل الشعارات التي صمت بها الأذان خفت صوتها وإبتل حبرها…
أتعلم أننا الآن نعيش على صفيح وطن ساخن نحاول أن نمسك به لا بأقلامنا كما كنا نفعل ونحن نتبادل رسائلنا وأبجديتنا التي تهطل بغزارة قلم…
الآن نمسك به ببحيرة دم وإكتظاظ مقابر…
سنعود يوماً إلى تلك المواعيد الوهمية على مقاهي الورق نزرع مشاتل حرفاً على ضوء الشمس…
سنعود إلى طرقاتنا وشرفاتنا ومواقدنا ونحن نطعم النيران مآسينا وإصفرار أوراقنا …