وصف المقاومة بالإرهاب .. وصمة عار في جبين المجتمع الدولي
بقلم : د. جمالات عبدالرحيم
تُعدّ قضية فلسطين واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وإثارة للجدل على المستوى الدولي. فالمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود تعتبر موضوعًا يتجاوز السياسة ليصل إلى قضايا إنسانية وأخلاقية عميقة. لكنَّ ما يُظهر بوضوح أن القضية تتعرض لتشويه مستمر خاصة وصف حركة المقاومة بـ”الإرهاب” من قبل الاحتلال الإسرائيلي والدول الغربية والعربية المناصرة له.
مفهوم الإرهاب
في البداية ، يجب أن نقف عند مفهوم “الإرهاب” ذاته. حيث يُعرّف الإرهاب عمومًا بأنه استخدام العنف أو التهديد به لتحقيق أهداف سياسية أو دينية. ورغم أن هذا التعريف قد يبدو محددًا ، فإن تطبيقه يختلف باختلاف السياقات. ففي حالة فلسطين ، يُستخدم مصطلح الإرهاب غالبًا لتخوين كل من يقاوم الاحتلال ، مما يحول النضال الشرعي من أجل الحرية والاستقلال إلى صورة مشوهة من العنف غير المبرر.
استخدام كلمة الإرهاب كأداة سياسية
وتستغل إسرائيل هذا المصطلح كأداة استراتيجية لتبرير أفعالها العسكرية وسياساتها القمعية ضد الفلسطينيين. ففي العديد من المناسبات ، يتم وصف الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون على الاحتلال أو المستوطنات بأنها “إرهابية” ، بينما يُغضُّ الطرف عن العنف الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين. هذا الاستخدام الانتقائي لكلمة الإرهاب يساهم في خلق صورة نمطية عن الفلسطينيين كخارجين عن القانون ، ويحولهم من ضحايا الاحتلال إلى مجرمين في نظر المجتمع الدولي.
المجتمع الدولي وصمت الضمير
لكن المشكلة تتجاوز إسرائيل وعملياتها. فالمجتمع الدولي ، بدلًا من مواجهة هذه الرواية المضللة ، غالبًا ما يتبنى أو يسكت على تعبير “الإرهاب” دون تمحيص. وتساهم تلك المواقف في استمرار الاحتلال واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني ، إذ تُعتبر هذه التسميات بمثابة صكوك براءة للاحتلال ، بينما يُحرم الفلسطينيون من حقهم في مقاومة الظلم.
أهمية الوعي وإعادة صياغة الخطاب
لذا من المهم أن نعمل على إعادة صياغة الخطاب حول المقاومة الفلسطينية. ويجب على المجتمع الدولي ووسائل الإعلام أن تبتعد عن استخدام مصطلحات تحمل طابعًا مُفبركًا وتساهم في تشويه الحقيقة. فالنضال من أجل الحرية والاستقلال ليس إرهابًا ، بل هو حق مشروع لكل الشعوب. إن عدم تصحيح هذه المفاهيم قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على مجريات الأحداث في المنطقة وعلى وضع حقوق الإنسان في العالم أجمع.
خاتمة
وأخيراً لا يجب وصْم حركات المقاومة بالإرهاب ، وأن تُستخدم كلمة “الإرهاب” لتبرير الاعتداءات على حقوق الإنسان. إن تصحيح هذه المفاهيم والتأكيد على حقوق الشعوب في النضال من أجل حريتها أمرٌ ضروري لبناء عالمٍ خالٍ من الظلم. فلسطين ليست إرهابًا ، بل هي مثالٌ على الصمود والتحدي في وجه الاحتلال ، ويجب أن تُحتضن كقضية إنسانية تستحق الدعم والفهم من قبل المجتمع الدولي.
د.جمالات عبد الرحيم :(خبيرة في العلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان ، خبيرة في أمن المعلومات ، خبيرة فساد مالي وإداري ، مستشار في التحكيم الدولي وحقوق الانسان ، مستشار في مكافحة الجرائم الدولية وغسيل الأموال ، مستشار علاقات دبلوماسية وقنصلية ، مفوض دبلوماسي خاص ، عضو دفاع وحقوق انسان ، خبيرة في التجميل والتغذية علاجية والطب البديل التكميلي ، أخصائية إرشاد أسري وصحة نفسية ، أخصائية طب طوارئ واسعافات أولية).