وثيقة شرم الشيخ جوفاء.. وإسرائيل ستتنصل من التزاماتها!

بقلم: عزّان الجبلي
وثيقة شرم الشيخ ليست أكثر من حبرٍ على ورق، لا يمكن الركون إليها رغم توقيعها من رؤساء الشرق الأوسط، فهؤلاء لا وزن لهم في نظر أمريكا وإسرائيل!
إسرائيل لا يمكن الوثوق بها، ونقولها بوضوح: لقد ربحت الجولة الأولى عبر ورقة الرهائن، وها هي تستعد الآن للمراوغة في بقية بنود الوثيقة.
هذه الوثيقة جوفاء بلا ضمانات، وعند التمعن في تفاصيلها يتضح أنها بلا عدالة، تصب في صالح إسرائيل وحدها. وما عجز نتنياهو عن تحقيقه بالحرب، سيحاول بلوغه عبر ترامب ووثيقته المزعومة للسلام!
قال ترامب إن مواقف الدول العربية والإسلامية هي من صنعت السلام، لكن تلك الكلمات لا تتجاوز حدود التسويق الإعلامي، فسلام ترامب قائم على معادلة الربح والخسارة المالية لا على القيم أو العدالة.
صحيح أن وقف الحرب يُعدّ نصرًا للفلسطينيين بعد عامين من النار والدمار خسروا خلالهما كل مقومات الحياة من سكنٍ وأرواحٍ وصحة، لكن يبقى السؤال: هل ستصمد هذه الاتفاقية أمام صهاينة لا أمان لهم؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تصريحاته حول الصراعات الإقليمية ومسار السلام، ركّز على النقاط التي تناولتها قمة شرم الشيخ وتفاعله مع قادة الشرق الأوسط، خاصة في إطار الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في غزة.
وتشير التقارير إلى أن التفاعلات بين ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قمم مختلفة أثارت جدلًا واسعًا. فبينما وُصفت لقاءات سابقة، مثل لقاء البيت الأبيض عام 2017، بأنها اتسمت بـ”مصافحة حارة” وترحيبٍ كبير، فإن “قمة شرم الشيخ للسلام بشأن غزة” جاءت لتثير الجدل مجددًا بسبب طريقة تعامل ترامب مع بعض القادة، والتي فُسرت أحيانًا بأنها تصرفات محرجة وغير مألوفة.
ورغم إشادة ترامب بالدور المصري في التوصل إلى وقف إطلاق النار ووصفه السيسي بأنه “زعيم عظيم”، إلا أن تصريحاته في إسرائيل جاءت على النقيض تمامًا. ففي خطابه أمام الكنيست، وصف ترامب نهاية الحرب في غزة بأنها “انتصار لا يُصدق لإسرائيل والعالم”، مؤكدًا أن “السلام سيتحقق بالقوة”، ومعلنًا أن بلاده تمتلك “أسلحة لم يحلم بها أحد”.
كما أكد أن نزع سلاح حماس جزء أساسي من أي خطة سلام، وأن الولايات المتحدة ستراقب تنفيذ ذلك بدقة.
وهذا التصريح وحده ينسف جوهر وثيقة شرم الشيخ التي تقوم على مبدأ التهدئة ووقف إطلاق النار لا على نزع سلاح المقاومة.
بهذا يكون ترامب قد وضع أساسًا لـ”سلامٍ غير متوازن”، سلامٍ يخدم إسرائيل فقط ويجرّد الفلسطينيين من حقهم المشروع في الدفاع عن أنفسهم.
إن ما يُسمّى بوثيقة شرم الشيخ ليس إلا خطوة جديدة في طريق التطبيع الكامل مع إسرائيل تحت لافتة “السلام الدائم”، بينما في الحقيقة هو سلامٌ قسري يُفرض على الطرف الأضعف.
وإذا كانت بعض الأنظمة العربية قد انخرطت في هذا المشروع، فإن الشعوب لا تزال ترى أن المقاومة هي السبيل الوحيد لحفظ الكرامة واسترداد الحقوق.
ختامًا، ستبقى وثيقة شرم الشيخ بلا مضمونٍ حقيقي ما لم تُصن حقوق الفلسطينيين، ويُحاسَب الاحتلال على جرائمه، ويُرفع الحصار عن غزة.
أما غير ذلك، فليس سوى سلامٍ وهمي تروّج له واشنطن وتباركه تل أبيب، فيما الحقيقة على الأرض تقول شيئًا مختلفًا تمامًا.
