آراء

من وهم الهيمنة إلى تحالف الأعداء .. كيف صنعت واشنطن نهايتها الاستراتيجية؟

بقلم: يوسف حسن

Advertisement

قبل سنوات، أطلق زبيغنيو بريجينسكي، أحد أبرز العقول الاستراتيجية في تاريخ الولايات المتحدة، تحذيرًا لافتًا:

أسوأ سيناريو يمكن أن تواجهه واشنطن هو قيام تحالف يجمع بين روسيا والصين وإيران، لأن ذلك يعني بداية أفول الهيمنة الأمريكية على العالم.

Advertisement

ورغم عدائه المعروف للشيوعية، كان بريجينسكي يتسم بواقعية سياسية واضحة؛ فقد دعا إلى عدم التعامل مع روسيا كقوة مهزومة بعد الحرب الباردة، بل إلى إبقائها في دائرة التوازن الدولي. كما شدّد على أهمية إعادة دمج إيران في النظام العالمي، حتى في ما يتعلق بملفها النووي، وأقرّ بأن صعود الصين أمر محتوم يجب إدارته بحنكة لا مواجهته بعناد.

جوهر رؤيته كان يقوم على ما سمّاه “الدبلوماسية الذكية” و”المقايضات الاستراتيجية”، باعتبارهما السبيل الوحيد للحفاظ على موقع أمريكا العالمي.

لكن ما الذي حدث اليوم؟

السياسيون الأمريكيون، من أمثال ماركو روبيو وجيك سوليفان، اختاروا النظر إلى القوى الثلاث معًا—روسيا والصين وإيران—بوصفها أعداء مباشرين. أما الرئيس دونالد ترامب فكان أشبه بـ “الثور الهائج في متجر خزف”، بحسب وصف رويترز؛ انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، أطلق حربًا تجارية عشوائية ضد الصين، وارتبك في تعامله مع روسيا.

النتيجة واضحة:

الصين أعلنت رسميًا تصورًا لنظام عالمي جديد لا يقوم على التفوق الأمريكي.

روسيا، بعد حرب أوكرانيا، اندفعت بالكامل نحو الشرق، وعززت تحالفاتها مع بكين وطهران.

إيران بدورها نسجت شبكة علاقات أمنية واقتصادية وسياسية مع موسكو وبكين، ممتدة من منظمة شنغهاي إلى مجموعة بريكس.

هكذا يتشكل اليوم التحالف الثلاثي الذي طالما خشيت منه واشنطن. والأدهى أن هذا الاصطفاف لم يكن نتاج “مؤامرة كبرى”، بل نتيجة مباشرة لسلسلة من الأخطاء المتراكمة في السياسات الأمريكية.

لقد صنعت الولايات المتحدة، بقراراتها المرتبكة، الكابوس الذي حذّر منه بريجينسكي منذ سنوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى