من لا يشكر الناس لا يشكر الله .. الشكر خُلق يتجاوز الكلمات

بقلم : مريم الشكيلية
“من لا يشكر الناس لا يشكر الله” – حديث نبوي شريف يلخّص في وجازة بليغة قيمة عظيمة في حياة الإنسان، هي الامتنان والتقدير. فالشكر ليس مجرد كلمات تُقال على استحياء، ولا مجاملات عابرة، بل هو تعبير صادق ينبع من القلب، ويترجم إلى مواقف وسلوكيات تُكرم العطاء وأصحابه.
الشكر في جوهره ثقافة راقية، تعكس نُبل الأخلاق وسموّ الروح. وهو لا يُختزل في المناسبات الكبيرة أو المواقف العظيمة، بل يمتد ليشمل تفاصيل الحياة اليومية؛ من كلمة طيبة، أو مساعدة بسيطة، أو وقت يمنحه الآخرون لنا دون انتظار مقابل.
وقد علّمنا الإسلام أن الشكر لا يقتصر على شكر الخالق وحده، بل إن شكر الله لا يكتمل إلا بشكر عباده الذين كانوا سببًا في الخير، وهذا ما أكّده النبي ﷺ بقوله: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”، ليغرس فينا قيمة الاعتراف بالجميل وتقدير الجهود.
في زمن كثرت فيه الانشغالات وتراجعت فيه العلاقات الإنسانية، أصبح الشكر فضيلة غائبة في كثير من البيئات؛ نغفل أحيانًا أن كلمة “شكرًا” قد تزرع الفرح في القلب، وتبني جسورًا من المحبة والتقدير.
فكم من موظفٍ مجتهد خَفَت عطاؤه لأنه لم يسمع كلمة شكر، وكم من أمٍّ سهرت الليالي ولم تجد من يقول لها: جزاكِ الله خيرًا، وكم من معلمٍ وهب علمه وسنوات عمره، ثم رُدّ له الجميل بالتجاهل!
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى إحياء ثقافة الشكر، لا باعتبارها مجاملة اجتماعية، بل كقيمة إنسانية ودينية أصيلة. علينا أن نُربّي أبناءنا على الامتنان، وأن نشكر كل من كان له فضل علينا، سواء كان عاملاً أو معلماً، طبيبًا أو سائقًا، قريبًا أو غريبًا.
ومن هذا المنطلق ، أود أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان للدكتورة شيماء محمد ، على تعاملها الراقي وإنسانيتها الحاضرة في كل تفصيلة. فالطبيب الناجح ليس فقط من يُشخص المرض ويصف العلاج، بل من يُجيد بثّ الطمأنينة، ويزرع الأمل في قلب المريض، ويُخفف عنه رهبة الألم ومشقّة الطريق، وهذا بحد ذاته نصف الشفاء.
جزاكِ الله عنا كل خير، دكتورة شيماء، وبارك في علمك وجهودك، وأدام عليكِ الصحة والعطاء.
إن كلمة “شكرًا” لا تُكلّف شيئًا، لكنها تصنع فارقًا كبيرًا. هي بلسَمٌ للنفوس، ورسالة تقدير ترفع المعنويات، وتُعزّز قيم التعاون والإحسان. فلنجعل من الشكر أسلوب حياة، لا موسميًا ولا مشروطًا، بل نابعًا من قلب ممتنّ يرى الفضل ولا يُنكره.
وفي الختام، لنتذكّر دائمًا أن من يشكر الناس فهو في الحقيقة يشكر الله، وأن من علِم فضل غيره واعترف به، فقد بلغ مرتبة من مراتب السمو الأخلاقي التي دعا إليها الدين وارتضتها الفطرة السليمة.