GreatOffer
آراء

من دمشق إلى مسقط: مهند العاقوص ورحلة الإبداع في أدب الطفل والمسرح العربي

بقلم: سيلينا السعيد

Advertisement GreatOffer

مهند العاقوص هو كاتب سوري بارز في أدب الطفل والمسرح ، الذي يحمل رؤية إبداعية تهدف إلى غرس القيم الإنسانية في نفوس الأجيال الصاعدة. بدأ مهند رحلته الأدبية منذ سن مبكرة ، متأثرًا بحبه العميق للحكايات والأسفار الثقافية ، ليصبح اليوم أحد الأسماء اللامعة في مجال الكتابة للأطفال والمسرح.

مزج الفلسفة بالحكاية

Advertisement

تميز مهند العاقوص بأسلوبه الفريد الذي يمزج بين الفلسفة والحكاية ، ويستلهم من الطبيعة والفنون والموروث الشعبي مصادر غنية لصياغة نصوصه. يجمع بين العمق والبساطة في آن واحد ، مما يجعل أعماله تلامس القلوب وتستقطب العقول. فاز العاقوص بالعديد من الجوائز الأدبية البارزة، من بينها الجائزة الأولى في مسابقة الهيئة العربية للمسرح عن مسرحيته “يتيم الغاب”، التي تستخدم شخصيات غير تقليدية من عالم الحيوانات لنقل معاني إنسانية عميقة.

تقديم قيم إنسانية للأطفال

يؤمن مهند العاقوص بأن الكتابة للأطفال ليست مجرد مهمة أدبية، بل مسؤولية كبيرة، تتطلب وعيًا عميقًا بقيم المحبة والتسامح والانتماء الإنساني. وفي كل عمل له، يسعى العاقوص إلى تقديم نصوص تخاطب الطفل في كل مكان وزمان، وتحثه على التفكير في العالم من حوله بأسلوب مميز يعزز الخيال ويشجع على التفكير النقدي.

الحيوانات أبطال غير تقليديين

منذ طفولته، وجد مهند العاقوص في عالم الحيوانات مصدرًا غنيًا للقصص، مليئًا بالقيم العميقة والرموز الفلسفية. أحب شخصية الليمور، الذي أصبح بطلًا في مسرحيته الأولى “يتيم الغاب”. بالنسبة له، الحيوانات ليست مجرد كائنات ثانوية، بل أبطال حقيقيون يقدمون دروسًا في الحكمة والصداقة والوفاء. كتب مئات النصوص التي تدمج بين الخيال والفلسفة لتكون بمثابة مرآة للحياة الإنسانية.

حكاية الأرض والانتماء

بين الأخضر والأصفر، وجد العاقوص نفسه. الأخضر يربطه بجذوره القروية، التي يشعر بها رغم تباعد الزيارات. أما الأصفر، فهو لون القمح الذي كان يحصده في صغره، قبل أن يركض فوق البيادر وكأنه يحصد الحياة بأكملها. في كل سطر يكتب، يسكن منجل خفي يجمع الحكايات من كل أرض، لينسج منها نصوصًا تنبت بين سطورها أعشاب خضراء وحقول ذهبية.

البحث عن الحكمة في الأدب

الحكمة، بالنسبة لمهند العاقوص، ليست جملة عابرة، بل هي نبع يتسرب بين سطور النصوص الأدبية. تأثر بكبار الأدباء مثل تولستوي و همنغواي، حيث يتجلّى في أعماله العمق الفلسفي الذي يوازي بساطة الحياة. مثلما في الشيخ والبحر لهمنغواي، يجد العاقوص في الأدب وسيلة لفهم الحياة والبحث عن المعنى، مستلهمًا حكمة الخيميائي لباولو كويلو.

أكتب لكل أطفال العالم.. وأحمل أوطانًا في كلماتي

مهند العاقوص لا يكتب لطفل واحد، بل لكل أطفال العالم. يؤمن بأن الأدب قادر على عبور الحدود دون تأشيرة، وأنه أداة لخلق تواصل بين البشر من مختلف الثقافات. وبينما يكتب للأطفال، يحمل في كلماته أيضًا رسالة للكبار، ليعبر عن ذاته وعن الآخرين بطريقة فنية مليئة بالخيال.

دمشق معلمه الأول

لم تكن دمشق مجرد مدينة درس فيها مهند العاقوص، بل كانت معلمه الأول. فيها تعلم أن الأدب ليس محصورًا في الكتب فقط، بل هو أيضًا في الأسواق، في حديث الباعة، وفي إتقان الحرفيين. كانت دمشق الصائغ الذي صقل روح العاقوص كما يُصقل السيف الدمشقي، ثم أطلقه إلى العالم ليكون سفيرًا للإبداع والمحبة.

مسقط: التربة الخصبة التي أنبتت الإبداع

كما كانت دمشق المدرسة، كانت مسقط الأرض الخصبة التي آمنت بموهبة مهند العاقوص. هناك، حيث التقى بالعدالة والسلام والمحبة، تجذرت فيه روح عمان، مثلما يذوب الفلج في الأرض ليمنحها الحياة. ومن هذا الذوبان، تفجرت ينابيع الإبداع، فكانت القصص والمسرحيات والروايات التي تحمل لمسة من روح مسقط و دمشق معًا.

بين عاصمتين: أتنفس الإبداع

اليوم، ومع تنقله بين دمشق ومسقط، يشعر مهند العاقوص وكأنه يملك رئتين يتنفس بهما عطر الإبداع. واحدة تحمله إلى الجذور، والأخرى تدفعه نحو المستقبل. لكنه، في كل رحلة، يحمل معه حقيبته الأثمن: الحكايات، التي كانت خبزه في طفولته، وصارت زاده في الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى