آراء

من حرب أكتوبر إلى الشراكة مع العدو

بقلم : د. جمالات عبد الرحيم

Advertisement

التحولات الجذرية في السياسة العربية والعلاقات الدولية في خضم التحولات المتسارعة التي شهدتها المنطقة العربية منذ حرب أكتوبر 1973 حتى اليوم ، نجد أنفسنا أمام مشهد سياسي واجتماعي معقد ، حيث تراجعت العديد من المفاهيم القومية والثورية التي كانت راسخة لعقود. لقد كان الرئيس أنور السادات رمزًا لمرحلة عظيمة من الفخر العربي بعد نجاح الخطة العسكرية خلال الحرب ، لكن اليوم، يبدو أن الوضع قد انقلب رأسًا على عقب.

في تلك الحقبة ، كانت دعوة السادات لجمع الحكام العرب في مواجهة عدو مشترك يجسد القومية العربية ، محورية في ترسيخ التضامن العربي. كانت خطوة حجب تصدير البترول عن الدول الداعمة لإسرائيل تعبيرًا عن القوة الاقتصادية التي يمكن أن تمتلكها الدول العربية في مواجهة التحديات الدولية. ولكن بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل ، شهدنا انشطارًا في التضامن العربي ، وبروز تحالفات جديدة دراماتيكية.

Advertisement

اليوم ، نحن أمام واقع مرير. يتكرر سيناريو دعم القوى الأجنبية لإسرائيل في محاولاتها للقضاء على القضايا العربية ، وخاصة في فلسطين وجنوب لبنان. وتبدو الحكومات العربية ، بما فيها المصرية والسعودية ، وكأنها محاصرة بين مصالح محلية وإملاءات دولية ، ما يجعل أي محاولة لتحقيق سلام شامل مع الكيان الصهيوني أمرًا مشكوكًا فيه.

إن الشركات الأمريكية التي تسيطر على حقول النفط في البلدان العربية تعتبر جزءًا من المعادلة الأكثر تعقيدًا ، حيث يستشري الفساد ويضع حكام تلك الدول في موقف ضعف أمام الضغوط الخارجية. إن فتح المجال الاقتصادي مع الولايات المتحدة ، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل ، هو بمثابة خيانة للقيم الوطنية ولتاريخ المقاومة.

ومع تصاعد التهديدات من النظام الأمريكي الذي يسعى إلى تعزيز نفوذه في الشرق الأوسط ، بات علينا أن نتساءل : هل سيتمكن القادة الحاليون من قراءة المشهد بصورة أعمق وأفضل من زعماء مثل السادات أو عبد الناصر؟ فرغم كل التحديات ، يبقى الأمل معقودًا على الوعي الشعبي وضرورة المبادرة لتغيير الواقع ، بدلًا من الاستسلام للضغوطات الأجنبية.

إن الغوص في تفاصيل الوضع الراهن يتطلب منا التأمل في دور التعليم والثقافة العسكرية وتكنولوجيا الدفاع كسبل رادعة في مواجهة الفساد والهيمنة. إذ لا تكفي خبرة سابقة في إدارة الأزمات ، بل تحتاج الأمة إلى رؤية استراتيجية وطموح حقيقي للنهوض من جديد.

باختصار ، إن الصراع العربي الإسرائيلي ليس مجرد صراع عسكري ، لكنه معركة وجودية تتطلب جهدًا متواصلًا وفكرًا استراتيجيًا بعيد المدى لخدمة مصالح الأمة العربية والإسلامية ، في مواجهة القوى التي تهدد استقرارنا وأمننا.

د.جمالات عبد الرحيم : (خبيرة في العلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان ، خبيرة في أمن المعلومات ، خبيرة فساد مالي وإداري ، مستشار في التحكيم الدولي وحقوق الانسان ، مستشار في مكافحة الجرائم الدولية وغسيل الأموال ، مستشار علاقات دبلوماسية وقنصلية ، مفوض دبلوماسي خاص ، عضو دفاع وحقوق انسان ، خبيرة في التجميل والتغذية علاجية والطب البديل التكميلي ، أخصائية إرشاد أسري وصحة نفسية ، أخصائية طب طوارئ واسعافات أولية).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى