آراء

مناصرة الحق الفلسطيني واجب أخلاقي

بقلم: د. ليلى الهمامي

Advertisement

في خضم ما يشهده العالم العربي من أزمات متلاحقة، تظل هناك قضايا جوهرية لا يمكن أن يعلو عليها أي خلاف أو يصرف الانتباه عنها أي تفصيل ثانوي. ولعل القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية حق وعدل ووجود، تأتي في صدارة هذه القضايا، ليس فقط لارتباطها بالهوية العربية، وإنما لأنها تختزل جوهر الصراع مع الاستعمار الجديد الذي يعيد إنتاج نفسه بأدوات وأساليب متعددة.

لقد أثبتت التجربة العراقية أن الاستعمار المباشر ليس ماضيًا ولى، بل خطرٌ يمكن أن يعود في أي لحظة، ما يجعل من المسألة الوطنية شرطًا حاضرًا بقوة اليوم أكثر من أي وقت مضى. ومثلما أن مطلب الحرية والديمقراطية حق لا يقبل الجدل أو المساومة، فإن الحفاظ على الأمن القومي والسيادة الوطنية شرطٌ لا يقل أهمية، لأنه الضامن الوحيد لاستقلالية القرار وصيانة المناعة الداخلية للشعوب والدول.

Advertisement

القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية الأمة بأسرها. فهي حاضرة في وجدان المواطن العربي البسيط، كما هي حاضرة في أذهان الساسة وصناع القرار. لكن الإشكال الجوهري يكمن في تباين المواقف العربية، وفي التساؤل المحوري:

هل نحن حقًا بصدد مناصرة الشعب الفلسطيني الذي يُقتل ويُهجّر ويُباد أمام أعين العالم؟ أم أننا، في غمرة الدماء المتدفقة والأحداث المتلاحقة، نستغل معاناة هذا الشعب لتصفية حسابات داخلية أو خلافات عربية – عربية؟

المؤسف أن بعض التحركات تبدو أقرب إلى مناورات سياسية تحركها أجندات متناقضة، تجمع بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، دون وضوح فكري أو صراحة سياسية، وهو ما يثير الشكوك حول مصداقية هذه التحركات في نصرة الحق الفلسطيني.

إن احترام الرأي العام العربي، ووعي الشعوب، يفرض على أي طرف يسعى للانخراط في دعم القضية الفلسطينية أن يتحلى بالشفافية والوضوح والصدق، بعيدًا عن الانتهازية والمغالطة. فالقضية الفلسطينية أكبر من أن تُستغل وساميتها أرفع من أن تُشوّه بالمساومات.

إن مناصرة الحق الفلسطيني ليست شعارًا ولا ورقة للمزايدة، بل هي واجب أخلاقي وقومي، يمتحن مصداقية مواقفنا ويكشف معدننا الحقيقي أمام التاريخ.

الحق
د. ليلى الهمامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى