ليلى وعصافير غزة المهاجرة!

بقلم: سيلينا السعيد
وقفت ليلى على سطح منزلها في غزة ، عينيها تتأمل السماء التي بدأت تتزين بألوان الغروب الدافئة. كانت الغيوم تتراقص في الأفق ، وفي قلب هذا المشهد الساحر ، لاحظت أسرابًا من العصافير تحلق في تشكيلات متناغمة ، وكأنها ترسم خرائط غير مرئية في السماء.
همست ليلى ، وهي تراقبهم بعيون مليئة بالتساؤلات:
“إلى أين تذهبون؟”
كانت تعرف أن العصافير ، مثل البشر هنا ، تغادر في مواسم معينة بحثًا عن الدفء والأمان ، وعن أماكن جديدة تحتضنهم بلا خوف. لكنها تساءلت: هل تعود هذه الطيور؟ وهل تعود القلوب التي تهاجر ، مثل العصافير التي تعرف طريق العودة؟
غزة: وطن العصافير وأحلام مؤجلة
في مدينتها ، كانت العصافير تغني رغم كل شيء ، تبني أعشاشها بين أسلاك الكهرباء وحبال الغسيل ، وفي الزوايا الصغيرة مثل المدافئ القديمة وحتى الفخار المكسور. كانت تجد طريقها إلى الحقول رغم الجدران العالية. كانت العصافير تشبه أهل غزة ، أولئك الذين لا يتوقفون عن الحلم ، حتى عندما تضيق الأرض وتغلق الطرق.
قالت الجدة راحيل ، وهي تراقب ليلى من بعيد:
“العصافير التي تعرف طريق العودة لا تضيع أبدًا يا ابنتي. ستعود يومًا ، تمامًا كما تعود أرواحنا إلى أرضها مهما ابتعدت.”
لكن ليلى لم تكن متأكدة. كانت ترى في تلك الطيور المهاجرة شيئًا آخر ، قصةً أخرى… قصة من رحلوا ولم يعودوا. أولئك الذين حملوا معهم رائحة البحر ودفء البيوت وأصوات الأزقة ، لكنهم ظلوا غرباء هناك ، خلف الحدود التي لا تفتح أبوابها بسهولة.
رسائل محمولة على الأجنحة
عندما كانت صغيرة ، كانت تؤمن أن العصافير تحمل رسائل ، وأنها تسافر إلى أماكن بعيدة لتوصل كلمات لم تجد طريقها عبر البريد. حلمت يومًا أن تكتب رسالة صغيرة تطلب فيها من العصافير أن تحمل إليها أخبار والدها الذي غادر منذ سنوات ولم يعد.
لكنها لم تفعل. ربما لأنها أدركت مع مرور الوقت أن بعض الرسائل لا تصل ، وأن بعض الطرق تظل مغلقة ، حتى لو كان القلب يعرفها.
ومع ذلك ، حين رأت السرب يختفي في الأفق ، شعرت وكأنها أرسلت معهم إشارة ما: ربما أمنية ، ربما صلاة ، أو ربما وعدًا لنفسها بأنها ستكتب القصة كاملة يومًا ما ، وستجد الإجابة على تساؤلاتها:
هل العصافير التي ترحل تعود دائمًا؟ أم أن بعضها ، حين يبتعد كثيرًا ، ينسى طريق الرجوع؟