آراء

لماذا لا يقتصر طرح “أوكيو” على المواطنين فقط؟

بقلم : د. حيدر بن عبدالرضا اللواتي

Advertisement

أمرٌ جميلٌ أن تطرح الشركات الوطنية العُمانية الناجحة جزءاً من أسهمها للاكتتاب العام لتمكين النَّاس بامتلاكها والاستفادة منها سواء من خلال حصولهم على الأرباح الوقتية عند بيعها ببورصة مسقط ، أو الاحتفاظ بها كادخار لها للمدى الطويل والحصول على الأرباح السنوية المعتادة.

قرار مجموعة “أوكيو” العُمانية بطرح 25% من أسهم شركة “أوكيو للاستكشاف والإنتاج” للاكتتاب العام قريباً ضمن خطتها للتخارج وفق ما أعلنه جهاز الاستثمار العُماني يعطي الفرصة للمواطنين والأجانب لامتلاك أسهم أوكيو ، والذي يعتبر الطرح الثاني للشركة خلال السنوات الثلاث الماضية ، حيث استفاد جميع الذين امتلكوا أسهم هذه الشركة في الفترة الماضية سواء بإعادة بيعها ببورصة مسقط ، أو الحصول على أرباحها السنوية ، خاصة أولئك المستثمرين الأجانب الذين نجحوا في امتلاك كميات كبيرة من أسهم الشركة ، ومن ثم قيامهم ببيعها في أول طرح ، والاستفادة من الأرباح التي حققوها في ظرف أيام قليلة دون أن تبقى استثماراتهم في الشركة لفترة طويلة.

Advertisement

والسؤال الذي يطرح كل مرة في مثل هذه القضايا هو : لماذا لا يتم اقتصار طرح أسهم هذه الشركات الحكومية في بداية الطرح الأولي على الأفراد المواطنين والمؤسسات الوطنية فقط ، على أن يقوم هؤلاء الأشخاص ببيعها لغير العُمانيين في سوق مسقط لاحقًا؟

الجواب يأتي من الجهات المعنية بأنَّ الحكومة تعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد من خلال السماح للمؤسسات والأفراد غير العُمانيين بشراء أسهم تلك الشركات ، الأمر الذي يؤدي إلى تنشيط المعاملات التجارية والمالية والمصرفية والشرائية ، وإلى حركة الأموال من خارج البلاد ، وتنشيط عمليات بورصة مسقط.

والسؤال التالي الذي يطرح من جديد على تلك الجهات هو : هل المواطنون والمؤسسات والشركات العُمانية المعروفة غير قادرة على تعبئة قيمة الأسهم المطروحة؟

الجواب يأتي من نفس الجهات بأن هذه العملية تساعد في التعريف بعُمان وتعمل على تنشيط المؤسسات وشركات الوساطة والمصارف في التعامل في مثل هذه القضايا بصورة أكبر ، الأمر الذي يعطي سمعة للبلاد والمؤسسات المصرفية والمالية العاملة في هذه القضايا.

الواقع يقول إن الاستثمار الأجنبي في مثل هذه الشركات القيمة لا يبقى لفترة طويلة بنفس النسب التي يتم فيها الشراء؛ لأن أصحابها يقومون ببيع أسهم هذه الشركات والخروج بأموالهم بأضعاف ما أتوا به من الخارج ، فيما تبقى العوائد للأفراد العُمانيين والمؤسسات العُمانية بنسب قليلة في نهاية الأمر. فسوق سلطنة عُمان تتميز بالعديد من حوافز الاستثمار حيث لا توجد هناك قيود على تحويل رأس المال أو الأرباح ، كما لا توجد قيود على عمليات الصرف ، في الوقت الذي يرتبط الريال بسعر صرف ثابت مع الدولار الأمريكي.

ولو راجعنا مثلاً قيمة الاستثمار الأجنبي في شركة “أوكيو” وفق بيانات هيئة الخدمات المالية ، لرأينا أن الاستثمار العُماني في الشركة يبلغ حالياً نحو 80.49% من إجمالي القيمة ، فيما تبلغ حصة غير العُمانيين في الشركة 19.51% منها وهي نسبة صغيرة ، منها 12.44% للخليجيين ، و0.16% للعرب ، و6.91% للأجانب ، الأمر الذي يعطي فكرة بأن المؤسسات والأفراد غير العُمانيين لا يحتفظون بأسهم الشركات العُمانية بصورة كبيرة ، وهمهم الوحيد الاستفادة من الاكتتابات الأولية وبيعها على المواطنين بأسعار أعلى لاحقًا.

الاكتتاب الجديد لشركة “أوكيو للاستكشاف والإنتاج” ، سيبدأ خلال سبتمبر الجاري وفق بيان الشركة، فيما سيتم إدارج الأسهم في شهر أكتوبر المقبل؛ حيث سيتم تخصيص 60% من إجمالي الأسهم المطروحة للمستثمرين المؤسسيين ، والنسبة الباقية 40% سوف تخصص لصغار المستثمرين من الأفراد ، وذلك وفق الآليات التي ستُعتمد من قِبل هيئة الخدمات المالية.

الكل يعلم أنَّ العوائد من الإدراجات الجديدة في الأسواق المالية هدفها تنويع خيارات تساهم في نمو وتوسيع الأعمال التجارية للشركات. وهذه العمليات للإدراج تعمل على تسهيل جذب مصادر مالية ربما تكون متواجدة في الأسواق لدى الأفراد والمؤسسات الوطنية كالبنوك المحلية والمؤسسات التمويلية الأخرى إذا سمحت لها بامتلاك. هناك دول ومؤسسات تطرح أسهمها في الاكتتابات الأولية فقط للمواطنين والمؤسسات والشركات المحلية في بداية الأمر ليستفيدوا منها، ومن ثم ترخصها للآخرين. فهل يمكن القيام بنفس الأمر ونعطي الفرصة للمواطنين بالاستفادة من هذه الاكتتابات الجيدة في بداية الأمر؟

إنَّ هذه العملية تعطي فرصة لتوسيع قاعدة المستثمرين الأجانب في البورصات المحلية كما تريد الجهات المعنية في البلاد ، ولكن يتحقق ذلك على المدى الطويل، إلّا أنها تعطي قبل ذلك الفرصة للمواطن والمؤسسات المحلية بالاستفادة من أسهم شركاتها الوطنية من تلك الإدراجات الجديدة، وكذلك لأصحاب المدخرات الباحثين عن فرص تمويلية وهي كثيرة في العالم. وهذه العملية تحتاج إلى مزيد من الترويج والتسويق لأسماء المؤسسات والشركات المساهمة الوطنية في الخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى