آراء

قواعد العشق الأربعون .. تجد مرساها في الخليج العُماني

بقلم: سيلينا السعيد

Advertisement

البشر في هذا العالم مثل ثلاث فراشاتٍ ملونةٍ تحومُ حول شمعةٍ متوهجة. الأولى تراقصت أمام الشعلة وقالت : هكذا عرفتُ العشق.

الثانية اقتربت من اللهيب ولامست الوهج بطرف جناحها ثم اعترفت : هكذا أدركتُ كيف تحرق نيران العشق.

Advertisement

أما الثالثة ، فتحت جناحيها على امتدادهما واندفعت صوب الشعلة واحترقت بالكامل. وهي وحدها من عرفت المعنى الحقيقي للعشق.

من يشعلون القناديل في حياتك ، وحدهم من يستحقون أن تفتح لهم أبواب روحك.

رفع بيت الزبير في مسقط قنديل مهرجان الموسيقى الصوفية ، وعزفت أوتار العشق الإلهي نخبة من الموسيقيين العشاق من حول العالم.

اجتمعت القلوب في مسقط إحياءً لهذا الفن الروحاني للمرة الثالثة ، حيث لامست الموسيقى الوجدان وعكست ثقافة الشعب العُماني الذوّاق للحكمة والفلسفة والروحانية.

عبرت تلك الألحان الحدود ، ومنهم من عبر الزمن ، وتزيّنت مسقط ببحرها وجبالها وقلاعها بألوانٍ صوفية زاهية. فأيّها المسافر ، اشترِ الورد لعلّك تصادف في طريقك من يستحقه.

ولأنّ الجبل الأخضر هو عنوان الورد العُماني ، فهو رمز يتغنى به المواطن والمقيم والسائح. وكانت لأشعار رابعة العدوية أثر عميق في التراتيل والمناجاة مع الخالق ، لتضيف بُعدًا روحانيًا لهذا الموسم.

وهنا يبرز السؤال : ما العلاقة بين المدرسة الصوفية والإمبراطورية العُمانية؟

امتدت رايات الإمبراطورية العُمانية من بحيرات وسط إفريقيا حتى مشارف شبه القارة الهندية ، تحت شعار نصرٌ من الله وفتحٌ قريب.

قاد الأسطول البحري السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي ، فيما امتدت جذور التصوف في عُمان عبر الفنون الشعبية ، والاحتفال بالمولد النبوي ، والتسبيح ، والتهليل.

كل ذلك يعكس صفات المجتمع العُماني المتأصلة في التسامح والمساواة ، ونثر بذور الخير والمحبة.

رافقتنا الطبول والدفوف والمناجاة الصوفية من نهر سمرقند إلى الكهوف وعتبات المزارات.

ودارت بنا المعزوفات كما دار الطائر المذبوح فوق بلداتٍ تغنت بالعشق الصوفي. فهل يشفع لنا دمه؟

أججت الموسيقى الصوفية نسائم الحنين إلى الصياد الذي رمى صيده ، والعروس التي تكحلت بالورد ، والقارب المتأرجح على مياه الخليج.

فهل تأذن لنا بالغناء عند موانئك؟ وإن مُتنا في داء العشق وانقضى العمر ، فلتنبت زهور المحبة بدلًا من القصب فوق القبور.

إزدانت الموسيقى الصوفية بأشعار ومقولات سلطان العارفين جلال الدين الرومي ، وأثرت رسائله على جيلٍ كامل من السلاطين والوزراء والقضاة ورجال الدولة.

ولمع نجمه مع امتداد الإمبراطورية العثمانية ، مضيفًا بُعدًا روحانيًا ساميًا على المبادئ النبوية في الإحسان والتعاطف ، ورسم ثقافة إسلامية متجددة.

لقاء “مرج البحرين”

وكان شمس الدين التبريزي بمثابة المرشد الروحي والشمس التي اهتدى بها الرومي أثناء رحلته في بحار التصوف والعشق الإلهي.

ولولا هذا اللقاء ، لما سطع ضوء القمر في فكر الرومي.

وقد ذُكر في كتاب مناقب العارفين أنّ فراق التبريزي والرومي كان تجلِّياً من تجليات الجلال ، كما كان لقاؤهما تجلِّياً من تجليات الجمال.

ورغم أن مقولات الرومي كُتبت باللغة الفارسية ، إلا أنها تجاوزت حدود اللغة والدين والثقافة ، مما أضاف لونًا روحانيًا جديدًا على الديانات السماوية الثلاث.

نختتم المقال بأجمل الأشعار الصوفية التي تحاكي تعاقب الليل والنهار وعلاقة الشمس بالقمر:

لكلّ ليلٍ قمر حتى ذلك الليل في أعماقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى