آراء

قراءة في خطة ترامب البديلة للسلام

بقلم: د. شيرين العدوي

Advertisement

جاءت خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للسلام، المكونة من إحدى وعشرين نقطة، في سياق جيوسياسي بالغ التعقيد، عقب حرب إبادة شنتها إسرائيل على فلسطين لمدة قاربت العامين، استهدف فيها قطاع غزة بالذات. خلال هذه الحرب، بدا أن الإعلام العالمي ركّز اهتمامه على غزة فقط، وهو ما شكّل انتصارًا كبيرًا للطرف المعتدي، الذي بدأ يساوم على الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، رغم أن هذا الحد الأدنى كلف القطاع آلاف الضحايا المدنيين، إذ تجاوز عددهم 65 ألفًا، مع دمار واسع في البنية التحتية.

هذا المشهد الإنساني والسياسي خلق ضغطًا دوليًا غير مسبوق لإنهاء الصراع في المنطقة، مع تزايد الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطينية مستقلة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما قوبل بمعارضة شديدة من إسرائيل والولايات المتحدة. لكن الوضع شهد تغيّرًا جزئيًا بعد الضربة الإسرائيلية الأخيرة على العاصمة القطرية الدوحة، والتي هدفت إلى تعطيل المفاوضات غير المباشرة مع حماس. هذه الخطوة كشفت الخطأ الأمريكي الذي هز الثقة في تحركاته الإقليمية، وفتح المجال لدخول أطراف جديدة تحمل مصالح متعارضة مع أهداف إسرائيل والولايات المتحدة.

Advertisement

في هذا الإطار، شرع ترامب في استعادة زمام المبادرة الدبلوماسية عبر إعادة صياغة ما كان يُعرف بـ”صفقة القرن”، وتحويل مقترحاته السابقة – مثل مشروع “غزة ريفييرا” – إلى خطة سلام أكثر واقعية، تتضمن عدة نقاط رئيسية، منها:

وقف إطلاق نار دائم بدل المهادنات المؤقتة التي فشلت في تحقيق الاستقرار طويل الأمد.

إطلاق سراح جميع الرهائن كشرط أساسي لتقدم المفاوضات.

نزع سلاح حماس ورفض أي دور لها في حوكمة غزة المستقبلية.

انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية تمهيدًا لسيطرة مدنية على القطاع.

حوكمة غزة ما بعد الصراع عبر إدارة دولية عربية أو من قبل السلطة الفلسطينية.

تأمين القطاع لمدة ثلاث سنوات مع منع رئيس وزراء إسرائيل من ضم أجزاء الضفة الغربية، وهو مطلب أساسي للدول العربية.

على الرغم من هذه التقدمات الدبلوماسية الظاهرية، تواجه الخطة عقبات كبيرة:

الانقسام الفلسطيني الداخلي بين السلطة الفلسطينية وحماس، ما يجعل أي عملية حوكمة مستقبلية معقدة للغاية.

التناقض بين المواقف الإسرائيلية والأمريكية، إذ تعد الولايات المتحدة العرب بوقف ضم أراضٍ جديدة، بينما يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي علنًا على رفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

التحديات الأمنية واللوجستية المتعلقة بقدرة القوات العربية المقترحة على تأمين قطاع غزة المدمر، وسط مخاطر سياسية كبيرة.

أزمة إعادة الإعمار، التي تتجاوز قدرات أي طرف بمفرده، وتطرح تساؤلات حول أمان الدول العربية واستدامة الاقتصاد الفلسطيني.

ويبقى التساؤل الأكبر: هل ستظل القضية فلسطينية كاملة، تشمل القدس، أم ستقتصر على “غزة” فقط؟ وهل يمكن أن تكون خطة ترامب خطوة نحو حل دائم، أم أنها مجرد محاولة لاستعادة المبادرة في منطقة تزداد تعقيدًا يوما بعد يوم؟

خطة
د. شيرين العدوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى