فيتنام : خمسون عامًا على النصر العظيم وانطلاقة نحو عصر جديد من التنمية

بقلم: ماهر بدر
قبل خمسين عامًا ، أطلق الجيش والشعب الفيتنامي، بقيادة الحزب الشيوعي الفيتنامي، “حملة هو تشي منه” التاريخية ، محققين نصرًا حاسمًا في 30 أبريل/نيسان 1975. انسحبت الولايات المتحدة بالكامل من جنوب فيتنام ، وأعلن رئيس نظام سايغون الدمية استسلامه غير المشروط ، لتُختتم بذلك حرب مقاومة دامت 21 عامًا ، مكللة بتحقيق أمنية الزعيم هو تشي منه: “تحرير الجنوب وتوحيد البلاد”.
كان العامل الحاسم في تحقيق هذا النصر التاريخي هو القيادة الرشيدة للحزب الشيوعي الفيتنامي ، إلى جانب تلاحم وصمود الشعب الفيتنامي بأسره. خلال حرب المقاومة ، أدار الرئيس هو تشي منه والحزب معركة متكاملة جمعت بين العمل السياسي والجهد العسكري والحراك الدبلوماسي ، معززين قوة الأمة الداخلية ، ومستثمرين الدعم الواسع من المجتمع الدولي.
وبعد نصف قرن على تحرير الجنوب وتوحيد البلاد ، شهدت فيتنام تحولات كبرى. فقد انتقلت من اقتصاد مركزي مخطط إلى اقتصاد سوقي موجه نحو الاشتراكية ، عبر سلسلة من الإصلاحات الشاملة التي مهدت الطريق لدخول “عصر النمو الوطني”.
تحولت فيتنام من بلد فقير ومتخلف إلى قوة اقتصادية ناشئة. إذ يُتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي عام 2025 نحو 476.3 مليار دولار أمريكي، وأن تصل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى حوالي 25.35 مليار دولار بزيادة 9.4% عن العام السابق ، مما يجعل فيتنام الاقتصاد الثالث والثلاثين عالميًا، وواحدة من أكبر 20 دولة في التجارة وجذب الاستثمارات.
ارتفع مستوى معيشة السكان بشكل ملحوظ، حيث يُتوقع أن يصل متوسط دخل الفرد إلى 4700 دولار أمريكي في عام 2025. كما أولى الحزب الشيوعي والحكومة اهتمامًا متزايدًا بتحسين حياة المواطنين ثقافيًا واجتماعيًا وروحيًا، مع تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الدين.
وبفضل مساحتها البرية التي تبلغ 331,212 كيلومترًا مربعًا، ومساحتها البحرية التي تقارب مليون كيلومتر مربع، إضافة إلى سواحلها الممتدة على طول 3,260 كيلومترًا وأرخبيلاتها في هوانغ سا وترونغ سا، تمتلك فيتنام إمكانات هائلة لتطوير اقتصادها البحري وتعزيز السياحة البيئية والبحرية.
على الصعيد الدولي، نجحت فيتنام في رفع الحصار والعزلة عنها، وأقامت علاقات دبلوماسية مع 193 دولة، وشراكات استراتيجية مع جميع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. كما توسعت علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع 230 دولة ومنطقة حول العالم، مجسدة شعارها: “صديق وشريك موثوق، وعضو نشط ومسؤول في المجتمع الدولي”، مما عزز مكانتها العالمية.
ورغم التعقيدات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم، فإن الشعب الفيتنامي، تحت قيادة الحزب الشيوعي، يمضي قدمًا بثقة وطموح نحو بناء دولة اشتراكية قوية ومزدهرة، تسعى لتحقيق الازدهار والسعادة لشعبها، والمساهمة في ترسيخ السلام والاستقرار والتنمية على المستوى الدولي.