عُمان الخير..تحية من القلب
بقلم : د. محمد سعد
في مثل هذا اليوم من كل عام الموافق 18 نوفمبر ، تحتفل عُمان الحبيبة بالعيد الوطني المجيد ، الذي يوافق اليوم الذي تخلصت فيه عُمان من براثن الاحتلال البرتغالي ، الذي استمر 140 عاماً ، لتتحول من بعدها إلى امبراطورية كبرى ممتدة عبر سواحل آسيا وأفريقيا.
وها هو العيد الوطني الـــ(52) يعاود الكرة على عُمان هذا العام 2022م ، وهي دولة تفتخر ، بطفرة تنموية هائلة ، وبنية تحتية مذهلة ، ونظام تعليمي متاح للجميع ، ومستشفيات عالية الجودة ، واستراتيجيات ذات أهداف طويلة المدى ، كل تلك الإنجازات حصيلة قيادة محنكة ، أولا : من خلال صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – مؤسس نهضة عُمان الحديثة ، والآن خير خلف لخير سلف صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – ، صاحب رؤية عُمان 2040 المتجددة ، وشهادة موثقة على صمود العُمانيين وعملهم الجاد.
وفي ظل الاحتفال بالعيد الوطني الــ(52) استرجعت شريط ذكرياتي في هذا البلد الطيب وخوفي وترددي من فكرة السفر ، وبمجرد أن وطأت قدماى أرض السلطنة في العام 1994م ، شعرت وقتها بطاقة إيجابية مملوءة بالسكينة ، وتلاشت مشاعر الخوف ، فالمشاعر الطيبة التي أحسست بها وملأت صدري ، بدأت منذ الوهلة الأولى بالتعامل الراقي من الجميع ، والترحيب والابتسامة تعلو الوجوه ، تأكدت وقتها أنني أتعامل مع شعب راق ، وهذا الرقي ليس تصنعاً ، إنما نابع من تربية تمتد من الأسرة وأخلاق القبيلة وطبيعة الشعب ، ووجدت الإنسان العُماني يحتفظ بالمبادئ الأخلاقية ، ويحترم العادات والتقاليد ، على خلاف ماطرأ من تغيرات في مجتمعاتنا العربية.
فحينما تخرج في شوارع عُمان لن تسمع أبواق السيارات إلا نادراً ، وإذا تجولت في الأسواق لن تجد الجدال الطويل بين البائع والمشتري.
والنقطة الأهم ، التي ربما لا يعرفها إلا من عاشر وخالط هذا الشعب المضياف ، تقبله للآخر ، أيا كانت أيدلوجياته ومعتقداته ، مما يثير في نفسك الفخر ، بل أنني أرى أنه يجب أن تُدرس تلك الصفات ، في زمن تغيرت فيه المبادئ والأخلاقيات ، فنحن مع شعب يجمع بين أخلاقه الدينية ، التي تربى عليها ، والارتقاء بالعلم والثقافة ، دون التنازل عن أسلوب حياته ، ويكفي أن افتخاره بعروبته وعاداته وتقاليده ، هي أمور مسلمة لا نقاش فيها ولا جدال ، فشكراً لعُمان قيادة وشعباً ، الذي تعلمت منه الكثير خلال وجودي بينهم ، ووجدت ما كنت أبحث عنه من سلام وأمان وسكينة.
وبحكم تجربتي هنا وعملي في المجال الإعلامي ، تابعت منذ البداية ما قامت به السلطنة على العديد من المستويات ورأيت فيه نموذجا يحتذى به؟
ومايعنيني هنا في ظل مايسود العالم من مشاحنات وحروب ، هو علاقاتها مع الأشقاء والأصدقاء ، وتجلى ذلك منذ البداية في ادارتها لهذه العلاقات بأسلوب حضاري يقوم على الصراحة والوضوح.
شاهدت الرغبة الحقيقية في تحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة والحوار الايجابي ، كسبيل للوصول إلى أقصى درجة ممكنة من الاتفاق ، وتجاوز أية خلافات بالطرق السلمية وتوظيف العلاقات الخارجية لخدمة التنمية.
عاينت خلال تلك الفترة ماذا قدمت السلطنة لأشقائها وأصدقائها ، وكيف كانت ، ومازالت تبنى جسور المودة ، ومعابر الخير ، ونقاط التواصل بين الشعب العُماني وكل الأشقاء والأصدقاء. وعلاقتها المتميزة على الدوام مع كافة الشعوب ، ودول العالم ، وخاصة علاقاتها مع دول الخليج التى تبادلها نفس الشعور ، وما نشاهده حالياً من علاقة نموذجية بين السلطنة والمملكة العربية السعودية ، خير دليل على ذلك ، حيث يشترك البلدان الشقيقان في تكامل الرؤى ، للتعامل مع الحاضر وبناء المستقبل في ظل القيادتين الحكيمتين لحضرة صاحب الجلالةِ السلطان هيثم بن طارق المعظم ، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية – حفظهما الله ورعاهما – ومتانة تلك العلاقة هي إنعكاس للعمق التاريخي وصمام أمان للبلدين ، فهما نموذج للاستقرار والأمان والنماء والازدهار في المنطقة.
وفي النهاية كلي ثقة أن العيد الوطني سيصادف مرة أخرى ولادة عُمان الحديثة والقوية ، وسيظل دائمًا بمثابة قوة دافعة للأمة ، لكن قصتنا بدأت للتو ، ولا أطيق انتظار فصولها المستقبلية ، التي أثق أنها ستكون ملهمة مثل قصص الماضي.