صورك الكرتونية .. وسيلة ترفيه أم تهديد لخصوصيتك؟
بقلم: علي الداؤودي
مع الانتشار المتسارع لتقنيات تحويل الصور الشخصية والعائلية إلى رسومات كرتونية عبر أدوات الذكاء الاصطناعي ، أطلق عدد من خبراء التكنولوجيا والأمن السيبراني تحذيرات جادة من مخاطر استخدام هذه التطبيقات ، مشيرين إلى أنها قد تشكل بوابة لانتهاك الخصوصية وتهديد الأمن الشخصي.
فخلال الأيام الأخيرة ، تحولت مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة لصور مستوحاة من أسلوب استوديو الرسوم المتحركة الياباني الشهير “Studio Ghibli”، بفضل ميزة جديدة أطلقتها شركة OpenAI عبر نسخة مطورة من روبوت المحادثة ChatGPT، والتي تسمح بإنشاء صور وميمات بتقنيات ذكاء اصطناعي تحاكي الفن البصري لهذا الاستوديو العريق.
لكن خلف هذه المتعة البصرية ، يخفي الواقع مخاطر حقيقية ، حيث يؤكد الخبراء أن تحويل الصور الشخصية إلى رسومات كرتونية يمكن أن يكون مدخلاً لاستخدام هذه الصور في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي ، أو لتسريبها إلى أطراف ثالثة دون علم أو إذن أصحابها.
معلوماتك في مهب الريح
يحذر الخبراء من أن هذه التطبيقات تجمع بيانات غير مرئية مدمجة في الصور ، تُعرف باسم الميتاداتا (Metadata)، والتي قد تشمل:
تاريخ التقاط الصورة
الموقع الجغرافي (GPS)
نوع الجهاز المستخدم.
هذه البيانات ، وإن بدت بسيطة ، قد تُستخدم لتكوين صورة رقمية دقيقة عن المستخدم ، بما في ذلك أماكن تواجده وهويته ونشاطاته.
تهديدات خفية
تشير خبيرة الأمن السيبراني الكويتية شروق الصايغ إلى أن كثيراً من التطبيقات تقوم بتخزين الصور على خوادمها لفترات غير محددة ، مما يفتح الباب لثلاثة تهديدات رئيسية:
تسريب الصور بسبب هجمات إلكترونية أو اختراقات.
بيع الصور لشركات إعلانية أو أطراف مهتمة بالبيانات.
استخدام الصور في مشاريع مستقبلية دون علم أو موافقة المستخدم.
وتضيف الصايغ أن بعض التطبيقات تنص – بشكل مبهم في الشروط والأحكام – على إمكانية استخدام الصور “لأغراض تحسين الخدمة”، وهي عبارة فضفاضة تتيح استخدامها لتدريب نماذج توليد صور أو أنظمة التعرف على الوجوه.
تزييف عميق .. ومخاطر مضاعفة
وأشارت الصايغ إلى أن امتلاك عدة صور لنفس الشخص يتيح تدريب أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة على إنشاء محتوى مزيف، قد يصل إلى حد تركيب صور أو مقاطع فيديو وهمية تحتوي على مشاهد وتصريحات لم يقم بها الشخص أصلاً.
حتى وإن لم تظهر الصور اسمه ، فإن دمجها مع بيانات مثل البريد الإلكتروني أو الموقع الجغرافي يمكن أن يؤدي إلى بناء ملف رقمي متكامل يُستخدم لاحقاً لاستهدافه إعلانيًا، أو حتى في حملات تضليل.
تحذيرات دينية
من ناحية أخرى ، أثار علماء دين تحفظاتهم على هذه الممارسات ، معتبرين أن بعض تقنيات تحويل الصور تمس جانبًا عقديًا ، خاصة إذا تضمن الأمر تحريك الصور أو محاكاة بعث الروح فيها ، وهو ما قد يُعد من التعدي على قدرة الخالق.
نصائح لتفادي الخطر
قدّمت الصايغ أربع نصائح عملية لحماية الخصوصية عند استخدام تطبيقات تحويل الصور إلى كرتونية:
اقرأ الشروط والأحكام بعناية قبل استخدام أي تطبيق.
تجنّب رفع صور تحتوي على أشخاص آخرين أو مواقع خاصة دون موافقتهم.
فضّل التطبيقات التي تعمل محليًا على جهازك دون الحاجة للاتصال بالإنترنت.
كن حذرًا من التطبيقات المجانية التي تنتشر فجأة، فقد تكون وسيلة لجمع البيانات وبيعها.
دعوات للتوعية
شدد خبير تقنية المعلومات أنور هاشم على ضرورة التحوّل إلى ثقافة قراءة سياسات الخصوصية قبل استخدام أي تطبيق، موضحًا أن التهاون في هذا الأمر قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على الصور الشخصية.
كما حذّر رئيس لجنة الأمن السيبراني في اتحاد الإعلام الإلكتروني محمد الرشيدي من منح الصلاحيات لتطبيقات الذكاء الاصطناعي دون إدراك كامل لماهية هذه الأذونات ، داعيًا المستخدمين إلى وعي رقمي أكبر عند التعامل مع التقنيات الحديثة.
