شكوتي لن تضيع بعد اليوم
بقلم : د. حيدر بن عبدالرضا اللواتي
الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء المُوقر برئاسة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- شهد الإعلان عن عددٍ من القرارات المهمة التي تدعم قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المرحلة المُقبلة ، وذلك بعد تحديات شهدتها مسيرة العمل التنموي بسبب الظروف التي مرَّت بها البلاد والعالم أجمع.
ومن هذه الظروف انتشار وباء “كوفيد-19″، وتوجه الدولة نحو التقليل من الدين العام الذي يتحمله كل مواطن على عاتقه في حال عدم تمكن الدولة من السداد في الوقت المناسب ، وارتفاع نسبة الفائدة المصرفية التي تؤدي إلى زيادة مصروفات المؤسسات والشركات خاصة الصغيرة والمتوسطة ، إضافة إلى عدم تمكّن الكثير من المواطنين من الحصول على الأعمال في المؤسسات العامة والخاصة مُقارنة بالأعداد التي يتم تخريجها من المؤسسات الجامعية والأكاديمية المحلية والعالية سنويًا ، بجانب تعرض الشركات الكبيرة إلى الخسائر بسبب قلة الأعمال وعدم تمكنها من الحصول على المناقصات الجديدة ، واضطرار العمالة الوافدة لمُغادرة البلاد ، وارتفاع وتيرة تسريح العمالة الوطنية أيضًا خلال السنوات الماضية؛ لتزداد بذلك القضايا التي تتعلق بالباحثين عن عمل مع قضايا المُسرّحين.
هذه القضايا وغيرها التي تحدث في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية تحتاج إلى المتابعة الدقيقة من الجهات المعنية في البلاد؛ الأمر الذي دفع ببعض الجهات المعنية لإنشاء منصات ووحدات خاصة لمتابعة الشكاوي التي تهم المواطنين ، وتلك التي تهم وزاراتهم وهيئاتهم. لكن مجلس الوزراء أصدر قرارًا بتدشين منصة إلكترونية جديدة مُخصَّصة لتلقي الشكاوى والمقترحات في 45 مؤسسة حكومية ، سوف ترتبط بها وسيبدأ العمل في هذه المنصة خلال العام المُقبل 2025 ، وتكون تابعة لوحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040؛ الأمر الذي يُعطي الفرصة للجهة المعنية بوضع الأسس المطلوبة لإنشاء هذه المنصة الجديدة الشاملة للشكاوي وتهيئة الكادر المطلوب للعمل بها فور الانتهاء من إعدادها.
وهذا لا يعني أنَّ الجهات المعنية لم تكن على علم بتلك الشكاوي التي ترد إليها من المواطنين ، إلَّا أنَّ الكثير منها لم تُتابع بصورة دقيقة ولم تكن هناك ردود عليها ، فيما كانت تأخذ بعضها فترات طويلة ، دون أن تعكس ما كان يرد في تلك الشكاوي. لذا نرى أنَّه في حال التدشين للمنصة الجديدة ، فإنها ستخدم أيضًا وسائل الإعلام المختلفة؛ حيث سوف تطلع على بعض الشكاوي التي ترد إلى المنصة، ويكون بعضها مادة خصبة للمناقشة أيضاً في تلك الوسائل؛ الأمر الذي يساعد وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بالتفاعل مع قضايا المواطنين بصورة مباشرة ، ومعرفة نوعية الشكاوي التي تصل إلى الوحدة المُختصة، وهذا يُعطي قوة للإعلام في معرفة ومتابعة تلك الشكاوي الواردة من المواطنين ، فيما ستقوم الجهات المعنية باتخاذ الاحتياطات اللازمة تجاهها.
كما يُمكن من الآن للوحدة المسؤولة عن هذه المنصة الجديدة متابعة المنصات العالمية التي يقوم المواطنون بالكتابة فيها وذكرهم للقضايا والمشاكل التي يعانون منها تمهيداً لحلها أولاً بأول. ومما لاشك فيه أن المنصة الجديدة سوف تربط المواطن بصورة مباشرة مع الجهات الحكومية المعنية، الأمر الذي سوف يساهم في إيصال المشكلة إلى الدائرة المعنية في تلك الجهات، وحل القضية بصورة عادلة للأطراف الداخلة فيها. وهذا يعني أن المنصة الجديدة ستعمل على تسهيل وتسريع عملية استقبال الشكوى ومعالجتها، الأمر الذي سوف يزيد من فعالية المؤسسات تجاه القضايا المطروحة وضمان العمل بالنظر في تلك الشكاوي وحلها في ظرف وقت مُعين.
إنَّ المنصة الجديدة ستعمل على تعزيز ثقافة المواطنين ووعيهم بمُتابعة حقوقهم ومطالبتها من الجهات المعنية ، ودفعهم للمشاركة في قضايا المجتمع، والوقوف على الحقائق التي تهم كل فرد في محيطه ، لأن هدف المنصة هو تحسين الخدمات التي تُقدمها المؤسسات الحكومية للمواطنين وتعزيز رضاهم، وتحقيق الأولويات الخاصة بهم، الأمر الذي سوف يُسهم في تحسين جودة الخدمات بالدولة ، بجانب تعزيز التواصل بين المواطنين والجهات الحكومية المسؤولة عن تقديمها. وهذه الوسيلة سوف تقلل أيضاً من تراكمات القضايا المُعلقة منذ فترات طويلة في المؤسسات الحكومية، والعمل على حلها في الوقت المناسب وبصورة سريعة وشفافة ، الأمر الذي سوف يزيد من ثقة المواطنين المراجعين في عمل المؤسسات والتفاعل معها بصورة إيجابية.