سلطنة عُمان ودولة قطر.. تاريخ مشترك وعلاقات مميزة
بقلم : د. صالح الفهدي
تتبادر إلى الأذهان فور الحديث عن العلاقات العُمانية القطرية تلك الجذور المتأصلة التي تربط الشعبين الشقيقين ، والقيادتين الرشيدتين في أرضية صلدة من جذور الهوية المشتركة ، وهي جذور متعاضدة بالقربى والدين ، واللغة ، والتاريخ ، والجغرافيا ، والمحبة المتنامية منذ آماد الدهر.
علاقة توثقها روابط الحكمة ، والرشد ، والسياسة الواقعية ، والرؤى الطموحة ذات البعد اللامحدود ، وتحكمها الأخوة القائمة على الرحم ، والمصالح المشتركة ، والاحترام المتبادل.
هذه العلاقة الوثيقة ترجمت على أرض الواقع بأفعال لها ما يجسدها من الدلائل الماثلة للعيان في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاستثمارية.
وحيث إن أحد شواطئ السلطنة قد شرف بمسكن دائم لسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر ، حفظه الله ، فإن ذلك يدل على أن الدار واحدة ، والشعبين أسرة واحدة ، لا فرق بين أرض قطرية ، وأرض عُمانية ، كما أن الدلالة العميقة لمسكن أمير قطر – أيده الله – في بقعة من أرض سلطنة عُمان يشي بالمحبة والألفة التي يكنها سمو الأمير لسلطنة عُمان التي تبادله وشعب قطر الشقيق المحبة والتقدير.
وإذا كانت مناسبة الحديث الآنف هي الزيارة العزيزة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر ، لأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظهما الله ورعاهما- فإنها تتزامن مع الذكرى الثلاثين لتأسيس اللجنة العُمانية القطرية المشتركة التي تأسست في عام 1995م بهدف تعزيز التعاون المشترك ، والتواصل الدائم بين البلدين ، من أجل نماء مستمر في توطيد العلاقات الأخوية في مختلف المجالات.
إن الدواعي السياسية والاقتصادية والأمنية للمنطقة عامة تشكل عوامل دفع لتسريع التعاون بين البلدين الشقيقين في إطار التعاون الخليجي المشترك ، من أجل توثيق العلاقات في الجوانب المختلفة التي تضمن الاستقرار والأمن والازدهار.
ولا شك أن التشاور بين القيادتين الرشيدتين لكلا البلدين الشقيقين يمثل واسطة العقد في العلاقة الحضارية ، إذ إن التشاور في القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الدولتين الشقيقتين يكفل مزيدا من توحيد الرؤى ، وتنسيق المواقف ، الأمر الذي يصب في صالح المنطقة بأسرها ، وهو ما دأبت عليها القيادات الرشيدة للبلدين في الماضي.
على أن البلدين الشقيقين يتقاربان في النظرة السياسية إزاء حل الأزمات والنزاعات بالتفاهم ، والحوار ، والسياسة الهادئة ، حيث تبرز الكثير من المواقف علامات هذا التقارب المشترك في الرؤى والمرتكزات ، ومما لا شك فيه أن هذه الاتجاهات السياسية قد أسهمت في حل الكثير من التعقيدات في قضايا إقليمية ودولية ، ما يعني أنها سياسة ناجعة لها مردودها السلمي ، وعائدها التنموي ، كما أن هذه التوجهات السياسية قد أسهمت في توثيق العلاقات التاريخية وتعميق روابط التواصل بين الدولتين.
وإذا كانت كل زيارة كريمة من قبل سمو الأمير المفدى تفتح آفاقا أرحب ، وتعمق جذور الروابط بين البلدين فإن الزيارة الحالية التي يحل فيها سمو الشيخ أمير دولة قطر ضيفاً عزيزاً على سلطنة عُمان تعد منعطفاً جديداً في مسيرة العلاقات المميزة بين البلدين الشقيقين؛ دافعة لكل المجالات إلى آفاق من التعاون والازدهار ، ومهيئة لفرص سانحة في المجالات الاقتصادية والتجارية وهي مجالات تشهد نمواً مستمراً ، وتصاعداً متواصلاً.
فمرحى بسمو الأمير -أيد الله خطاه- في بلده الثاني سلطنة عُمان ، ضيفاً كريماً وعزيزاً على حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد حفظه الله ورعاه ، وعلى أهل السلطنة ، محفوفا برعاية الله وحفظه وعنايته.