زلزال اقتصادي : كيف هزت حرب الاثني عشر يوماً ركائز الاقتصاد الإسرائيلي؟

بقلم: مريم سليم
لم تكن المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وإيران مجرد مناوشة عسكرية عابرة كما جرت العادة، بل كانت مواجهة شاملة هزّت العمق الاقتصادي الإسرائيلي على نحو غير مسبوق. وللمرة الأولى، خرجت منشآت حيوية عن الخدمة، وتعرضت قطاعات استراتيجية للشلل، فيما تلقت الأسواق والمستثمرون إشارات إنذار حادة من قلب ما يُعرف بـ”أمة الشركات الناشئة”.
الضربة الأولى: اشتعال الطاقة في الشمال
من الشمال جاءت أولى الضربات؛ مصفاة حيفا، شريان الصناعات البتروكيماوية في إسرائيل، أصابتها صواريخ دقيقة أدت إلى اشتعال خزانات الوقود وتوقف خطوط التكرير لأيام. وتكبدت شركات مثل “بازان” خسائر فادحة، فيما اضطرت السلطات إلى تقنين استهلاك الوقود في المناطق الشمالية، محدثة أزمة طاقة داخلية واسعة.
الضربة الثانية: الغاز تحت القصف
وفي البحر، تعرض حقلا “تمار” و”ليفياثان” للغاز الطبيعي، اللذان يمثلان ركيزة أساسية للاقتصاد الإسرائيلي، لهجمات بطائرات مسيرة انتحارية. توقفت عمليات الاستخراج بالكامل تقريبًا، وأخلت شركة “شيفرون” فرقها الفنية، بينما أوقفت مصر واردات الغاز مؤقتًا. هذه الضربة تسببت في هزة ثقة لدى الأسواق الأوروبية التي كانت تراهن على الغاز الإسرائيلي كبديل جزئي للغاز الروسي.
الضربة الثالثة: جبهة رقمية تنهار
الهجمات لم تكن تقليدية فقط، بل شملت أيضًا البنية التكنولوجية. شركات مثل “Wix” و”Playtika” عانت من انقطاعات كهربائية وهجمات سيبرانية منسقة أدت إلى توقف خدماتها. هذا الأمر أثار مخاوف مستثمرين غربيين، وبدأت بعض الصناديق في سحب استثماراتها بشكل صامت. كما تراجعت أسهم شركات إسرائيلية في “ناسداك” بنسبة تجاوزت 15% خلال أسبوع واحد فقط.
الضربة الرابعة: مطار بلا طائرات
تعرض مطار بن غوريون، الشريان الجوي لإسرائيل، لقصف متكرر، ما أدى إلى تعليق معظم رحلات “العال”، وإيقاف أكثر من 14 شركة طيران عالمية رحلاتها إلى تل أبيب. أُغلقت المدارج، وتكدست الطائرات، في حين وصفت وزارة السياحة موسم الصيف بـ”الكارثي”.
الضربة الخامسة: انقطاع الاتصالات
قطاع الاتصالات هو الآخر لم يسلم من الاستهداف. هجمات إلكترونية أصابت أنظمة شركتي “بيزك” و”هوت”، ما أدى إلى انقطاعات واسعة في خدمات الإنترنت والهاتف المحمول. كما تعرض البث التلفزيوني الرسمي لتشويش، وتوقفت بعض التطبيقات الحكومية الحيوية لساعات، في مشهد لم تعهده دولة تعتمد بشكل شبه كلي على الحلول الرقمية.
الضربة السادسة: صمت الرقائق
في الجنوب، أُغلقت مصانع “إنتل” في كريات جات مؤقتًا بسبب تهديدات أمنية مباشرة. هذه المصانع تنتج رقائق إلكترونية تُستخدم عالميًا، وتوقفها المؤقت أثار قلق الأسواق الآسيوية والأوروبية. وتشير تقارير إلى أن الشركة تدرس جدّيًا إعادة توزيع استثماراتها نحو مناطق أكثر أمانًا.
الضربة السابعة: موسم سياحي منهار
السياحة، وهي من أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي، شهدت انهيارًا حادًا. الفنادق في تل أبيب والقدس سجّلت نسب إشغال لم تتجاوز 15%، والمطاعم والأسواق بدت شبه خالية، وسط مغادرة جماعية للسياح والعمال الأجانب. تراجع تدفق العملة الصعبة أدى إلى ارتفاع أسعار الصرف، وزاد من أعباء المستهلك المحلي.
ملاحظات ختامية
الحرب الأخيرة لم تكن مجرد جولة عسكرية، بل زلزال اقتصادي كشف عن هشاشة الأمن الاقتصادي الإسرائيلي عندما تتغير طبيعة المواجهة. سبع ضربات، كل واحدة منها كفيلة بإعادة تشكيل خريطة الاستثمار والإنتاج في إسرائيل. وإن كانت هذه مجرد اثني عشر يوماً، فكيف سيكون المشهد في حرب ممتدة؟



