رسالة مشتركة إلى الرياض : لاريجاني وقاسم يدعوان لتوحيد الجهود ضد التهديد الإسرائيلي

بقلم: حسين مرتضى
في تلك الليلة التي تعرّضت فيها قطر للقصف تبدّلت قواعد الرهان. لم تعد ساعات تلك الليلة وما تلاها من الأحداث عادية بالنسبة لدول الخليج؛ بل فرضت نفسها كلحظة مراجعة قسرية تتطلب إعادة نظر في مواقف وسياسات كانت تُعتبر ثابتة.
المعادلة الآن باتت أوضح: لا شركاء حقيقيون لدى واشنطن وتل أبيب، بل أدوات تُستخدم وفق مصالح ومقتضيات آنية. لم تعد هناك خطوط حمراء تحمي من سياسات نتنياهو؛ إذ قد تصبح أي دولة في الخليج هدفًا، وفي الوقت نفسه قد تتكرر دورات التصعيد باتجاه إيران أو حتى باتجاه العراق.
وفي هذا السياق، تكتسب زيارة مستشار مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى السعودية بُعدًا تكتيكيًا ورسائل استراتيجية لا يمكن تجاهلها. فالرسالة الضمنية التي ينبّهها الواقع، والتي ربما أدركتها الرياض قبل غيرها، تقول إن الخطر حاضر ويستلزم خطوات لإعادة التوازن ولو جزئيًا.
وفي هذا الإطار أيضاً، تقدّم سماحة الشيخ نعيم قاسم، أمين عام حزب الله، مبادرة واضحة: «تعالوا لنفتح صفحة جديدة، نوحّد فيها الجهود، وليكن عدونا واحدًا هو إسرائيل». هذه المبادرة ليست محاولة استجداء أو ضعفًا كما يحاول بعض مراهقي السياسة أن يروّجوا، بل هي تعبير عن مبدأ ثابت وخيار استراتيجي يلتزم به أصحاب الموقف، كما أنها استذكار لما كان يقوله ويؤمن به شهداؤنا قبل استشهادهم.
اليوم، السعودية مدعوة أن تتلقف مثل هذا الاقتراح الجاد وتعيد قراءة حساباتها. إعادة التقييم هنا لا تعني تنازلاً عن السيادة أو تحالفات تاريخية، بل سعيٌّ لحماية المصالح الوطنية وتقليل المخاطر. فالتأخر عن اتخاذ خطوات تحوطية قد يترك الدولة عرضة للتهديد، ولن يرحمها الخصم عند اشتداد الموقف.
رغم الجراح المستمرة في غزة وسائر مناطق الصراع، ورغم حجم المآسي والدماء، فإن المنطق يدعو إلى التحلّي بالهدوء السياسي والتفكير الاستراتيجي: دعم المقاومة في غزة ولبنان، ورفع الحصار عن الشعب اليمني كخطوات عملية قد تُسهم في حماية الأمن الإقليمي. هذه خطوات ليست فقط تضامنية إنسانياً، بل تُعدّ أدوات حماية ذاتية في مواجهة عدو لا يفرق بين ساحاته.
إنها مبادرة للقيا الحجة، ومكان الانطلاق قد تهيأ بالفعل — الطائرة بدأت بالتحرك. هذا النداء قد يكون الأخير قبل أن تتبدّل معالم الساحة بصورة أكثر خطورة. على أصحاب القرار ألا يضيّعوا الفرصة.
