آراء

دول البريكس : بديلٌ استراتيجي لتحدي الهيمنة الغربية

بقلم : د. جمالات عبد الرحيم

Advertisement

تشهد الساحة الدولية في السنوات الأخيرة تحولات جوهرية على صعيد الهيمنة الاقتصادية والسياسية. في خضم هذه التحولات ، برزت مجموعة دول البريكس كبديل استراتيجي يسعى لتحدي النفوذ الغربي التقليدي. تضم هذه المجموعة خمس دول رئيسية هي : البرازيل ، روسيا ، الهند ، الصين ، وجنوب أفريقيا ، وقد أصبحت محورًا لجهود جديدة تهدف إلى إعادة تشكيل النظام العالمي القائم.

الهيمنة الغربية : الأبعاد والتحديات

Advertisement

لعدة عقود ، سيطرت الدول الغربية ، وعلى رأسها الولايات المتحدة ، على النظام الدولي ، وساهمت في وضع القوانين والمعايير الاقتصادية والسياسية التي تخدم مصالحها. من خلال المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، استخدمت هذه الدول نفوذها لإملاء استراتيجيات تنمية محددة للدول النامية ، مما أثر سلبًا على استقلالية سياساتها الاقتصادية.

البريكس : نواة التغيير

تأسست مجموعة البريكس في عام 2009 ، وتهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين أعضائها. تستند فلسفة المجموعة إلى تعزيز التنمية المستدامة ، وترسيخ التعددية ، ومقاومة الضغوط الغربية. يسعى الأعضاء إلى تأسيس نظام عالمي أكثر عدلاً ، حيث تُعتبر احتياجات الدول النامية ومصالحهَا جزءًا أساسيًا من السياسات الدولية المعتمدة.

الاقتصاد المتنوع والتعاون الاستثماري

يظهر التعاون بين دول البريكس بشكل جلي في مجالات الاقتصاد والتجارة. تدعم الدول الأعضاء التبادل التجاري فيما بينها ، وتعمل على إنشاء صناديق استثمارية مشتركة لتسهيل تدفق الاستثمارات. على سبيل المثال ، تم إنشاء البنك الجديد للتنمية (NDB) في 2014 ليكون بديلاً للبنوك التقليدية التي تهيمن عليها الدول الغربية.

التحديات أمام البريكس

ورغم الفرص المتاحة ، تواجه دول البريكس تحديات عديدة. تشمل هذه التحديات الفروق الاقتصادية والتباين في السياسات الداخلية ، فضلاً عن الضغوط الخارجية من الدول الغربية. كما أن الحفاظ على التوازن بين الدول الأعضاء ورسم سياسات موحدة تعتبر مهمة صعبة.

آفاق المستقبل : من هيمنة إلى شراكة

من المتوقع أن تلعب دول البريكس دورًا متزايد الأهمية في المشهد العالمي. تعمل المجموعة على تحقيق شراكات استراتيجية مع دول أخرى ، وزيادة التعاون في مجالات مثل الطاقة ، والتكنولوجيا ، والبحث العلمي. كما تعزز من موقفها في قضايا مثل التغير المناخي وتوزيع الثروات.

خاتمة

تعتبر دول البريكس تجسيدًا حقيقيًا للرغبة في إنشاء نظام دولي جديد يتحدى الهيمنة الغربية. من خلال دعم التعاون والتعددية ، تسعى هذه الدول لإعادة تشكيل ملامح السياسة العالمية لصالح الدول النامية. إن مسيرة البريكس تمثل خطوة نحو تأسيس عالم أكثر توازنًا ، حيث تكون السياسات الاقتصادية والسياسية في خدمة الجميع ، وليس فقط لمصالح القلة.

د.جمالات عبد الرحيم :(خبيرة في العلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان ، خبيرة في أمن المعلومات ، خبيرة فساد مالي وإداري ، مستشار في التحكيم الدولي وحقوق الانسان ، مستشار في مكافحة الجرائم الدولية وغسيل الأموال ، مستشار علاقات دبلوماسية وقنصلية ، مفوض دبلوماسي خاص ، عضو دفاع وحقوق انسان ، خبيرة في التجميل والتغذية علاجية والطب البديل التكميلي ، أخصائية إرشاد أسري وصحة نفسية ، أخصائية طب طوارئ واسعافات أولية).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى