خيانة الأوطان عار أبدي تستوجب إسقاط الجنسية
د.نافل بن غازي النفيعي
حب الوطن فرض والدفاع عنه شرف وغاية لكُل من ينتمي إليه وترعرع فيه..فلايوجد انسان يحب وطنه ولا يهب للذود عنه في أوقات الشدة والتصدي للأعداء ودحر الغزاة والطامعين والدفاع عن الأرض وشرف الآباء والأجداد..وتسجيل الملاحم والبطولات الخالدة بالوقوف في وجه من يُريدون نهب وسرقة ثروات الوطن وخيراته، وكثيرًا ما يِضحي المرء بعمره وحياته وجميع مايملك في سبيل رفعة وطنه وأمته فيُصبح عندها بطلًا شهيدًا يُكتب ويُخلد اسمه بأحرف من نور، ويورث العز والمجد لذويه..تتذكره الأجيال جيلًا بعد جيل؛ ليغدوا مثلهم الأعلى في التضحية وبذل الغالي والنفيس ونكران الذات ويقتدون به في حياتهم، وكثيراً مايتمنى المرء أن يكون في مقدمة من يسطرون بدمائهم الزكية والطاهرة..ملاحم خالدة في النضال في سبيل إعلاء شأن الوطن واستقلاله دون هواده..”فاجتماع السواعد يبني الوطن واجتماع القلوب يخفف المحن”..(مثل اسكتلندي)..فالوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم..(ونستون تشرشل).وعندما يكون الوطن في خطر فكل أبنائه جنود..(لاكوردير).
غير أن هناك أشخاص في كل زمان ومكان ممن يرتضون لأنفسهم الإقدام على خيانة وطنهم و أمتهم وشعبهم وبيع ضمائرهم وتاريخهم وسمعة ذويهم؛ بالتعاون مع الأعداء المتربصين بأوطانهم، وحينها يلحق بهم العار والخسران والذل في الدنيا والآخرة..بل ويحتقرهم الاعداء ولا يثقون بهم، فعندما سألوا هتلر قبل وفاته من أحقر الناس قابلتهم في حياتك؟..فرد عليهم أحقر الناس قابلتهم في حياتي هؤلاء الذين ساعدوني على إحتلال أوطانهم..ولعل القائد الفرنسي نابليون..قد قدم درساً لمن يخون وطنه، بامتناعه عن مصافحة جاسوس نمساوي أعانه على احتلال وطنه، حينما طلب مصافحته، إذ رمى له بحفنة من المال والذهب على الأرض وهو يقول له «هذا الذهب والمال لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلا يخون بلاده»..فأي مهانة وذل بعد ذلك يعيشها الخائن لوطنه ودينه وأمته.
فخيانة الوطن لها صور وأشكال متعددة وليست متمثلة في إعانة عدو ما في احتلال جزء من الأرض، فقد يكون معاونة الأعداء على احتلاله فكريا أو بالتنازل عن مبادئه أو قيمه، أو بيع مواقف أو معلومات تمس الأمن الوطني، أو بالتآمر والتجسس للعدو، أو بالاستقواء بالجهات الأجنبية ومساندتها له، سواء كانت منظمات أو جماعات، أو أجهزة إعلامية غالبً ماتكون معادية، وصدق من قال إن الخائن لوطنه كالذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص، فلا أباه يسامحه، ولا اللصوص سيكافئونه..لذا كان من الحقوق المشروعة لجميع الدول سحب جنسية من يخون وطنه وشعبه. إن أسوأ أنواع الخيانة خيانة الله ورسوله، وخيانة عباده، وخيانة النعم والوطن، وخائن الوطن هو خائن لله ورسوله، فإن الله تعالى أمر بالإحسان والوفاء والمحافظة على نعمة الوطن وبذل الحقوق لأهله وقيادته، وصاحب الخيانة ينقض ذلك كله، فهو بعيد عن الإحسان، متجرد عن الوفاء، ساع في زوال النعم والخيرات، ممسك عن إعطاء الحقوق والواجبات، ماشٍ في طريق الهدم والخراب والدمار. بل هو من يفرح ويتباهى بتشويه سمعة بلاده والإساءة إليها..فهو من فر هاربًا من وطنه وتعاون مع التنظيمات الحزبية والمنظمات الخارجية المعادية لبلاده، ويحرضها ضد دولته، والبعض منهم يقوم بكشف الأسرار ألتي كان مؤتمن عليها عندما كان يتولى إحدى المراكز المرموقة مُتنكراً للجميل وثقة ولآة الآمر فيه.
لذلك فالأمر المهم أن يعلم جميع من يعيش على أرض المملكة العربية السعودية، بأنها لن تسمح لكائن من كان أن يمس أمنها وعقيدتها وموروثها، وذلك من خلال التعامل مع المنظمات الإرهابية أو ممن يدعوَّن أنهم ناشطون حقوقيون، ويتخذون من الإصلاح ومناصرة المظلومين ذريعة، من أجل تحقيق اهدافهم وغاياتهم الخبيثة، والأسوء من أولئك الخائنين لدينهم ووطنهم هم: تلك الفئة الداعمون والداعون لهم بالتغريدات والكتابات التي لا يجديهم مسحها، وتلميع أسمائهم، والترويج لتصديق مصادر أعداء الوطن، وتجاهل المصادر الرسمية لبلادهم، واستضافتهم في برامج فضائية، وتقديمهم كنماذج جديرة للمجتمع ..فهم لن يجدوا إلا كُل حزم وصرامة من قبل حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، فالأمن لايقبل التجزئة ولا أنصاف الحلول. فالمملكة ماضيةً في قطع دابر من يتعاون مع الاعداء والمخربين دون هواده.
حفظ الله وطننا وولآة أمرنا من كل سوءًا ومكروة.
-خبير استراتيجي ومختص في العلاقات التاريخية بين الدول