آراء

حين يسرق الكومبارس المشهد … في الحياة

بقلم: ياسمين علي

Advertisement

في كل عمل درامي، يتصدر الأبطال الشاشة، وتُسلّط عليهم الأضواء، بينما تمر خلفهم وجوه صامتة تُعرف في عالم الفن بـ”الكومبارس”.

أدوارهم ثانوية، عابرة، وغالبًا بلا جملة حوار واحدة.

Advertisement

ومع ذلك، يحدث أحيانًا أن يسرق الكومبارس الكادر — بلقطة، بنظرة، أو بكلمة واحدة لا تُنسى.

وهكذا تمامًا هي الحياة.

نلتقي بأشخاص لا نعرف أسماءهم، ولا نحتفظ بأرقامهم، ولا نملك عنهم أي تفاصيل… لكننا نتذكرهم جيدًا.

نتذكّر لحظة قال فيها أحدهم كلمة رفعتنا من قاع الحزن.

نتذكر يدًا امتدت في وقت عجز، وابتسامة صادقة في لحظة كنّا على وشك الانهيار فيها.

امرأة مسنّة قالت لك بهدوء: “ربنا شايفك”، وأنت تتأرجح على حافة الانهيار.

رجل غريب في طابور مزدحم قال لك: “متسكتش عن حقك”، ثم اختفى.

طفل ضحك لك بعفوية، فخفّ وجعك دون أن ينطق بكلمة.

جميعهم مرّوا في الخلفية، ولم يبقوا طويلًا…

لكنهم تركوا أثرًا لا يُمحى.

ننشغل غالبًا بمن يشاركوننا تفاصيلنا اليومية، فنربط بين طول البقاء وعمق الأثر.

لكن الحياة تثبت لنا أن بعض العابرين، مثل “الكومبارس”، يؤدّون أدوارًا صغيرة في الزمن، ويُحدثون فرقًا هائلًا في النفس.

أثرهم ليس مصطنعًا، ولا مشروطًا، ولا متوقعًا.

يظهرون فجأة، يقدمون مشهدًا صادقًا وسط ضجيج العلاقات المعقّدة، ثم يرحلون.

وقد نكون نحن أيضًا — دون أن ندري — ذلك الشخص الذي مرّ في حياة أحدهم بلحظة صادقة، فترك خلفه أثرًا لا يُنسى.

الكومبارس
ياسمين علي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى