حديث على الورق

بقلم: مريم الشكيلية
سعيتُ أن أُخفف من وطأة الوحدة التي تُحاول أن تجرّني إلى مستنقعٍ عميق… شيئًا فشيئًا، كصريرِ قلمٍ يزحف فوق شارعٍ ورقيٍّ متعرج، يجذبني نحوه بلا هوادة.
حاولتُ أن أفك طلاسم هذا الشعور الموحش، المتسلق لروحي كجيشٍ مهزوم في ساحة معركة مهجورة.
لا أُريد أن أُقلقك، لكنك تذكر حين سألتك في رسالتي الشتوية عن المعنى الحقيقي لذلك الإحساس الذي لا يمكن وصفه، أو إيجاد لغةٍ لفهمه؟
كيف يبدو هذا الشعور المزدوج؟ كأنك في قارورةٍ زجاجيةٍ صغيرة، معزول، تحاول أن تطلق شهيق الحياة دون أن يشعر بك أحد… دون أن يلاحظ أحد ارتعاش رمشك، أو جحوظ عينيك.
أتساءل: أهو فعلًا شعورٌ بالوحدة؟ أم أن صمتك، في اللحظة التي كنتُ أترقب فيها مرورك على رصيف الورق، عند حافة السطور الخاوية، هو ما يجعلني أنزف ضجرًا؟
التعمق في مثل هذا الإحساس يصنع منك شخصًا آخر… حتى عن نفسك. يجعلك تُطيل التفكير في كل ما يحيط بك، ويجرفك إلى عزلةٍ متماهية مع ذاتك.
وأنا أُحدثك الآن، تنحدر مني تلك الكلمات التي كنتُ أكتبها في السابق كفقاعاتٍ عبثية، تتطاير في الهواء… وما تلبث أن تنفجر وتتلاشى.
فأقول لنفسي: ما هذا الذي كنتُ أكتبه؟ وما ذاك الضجيج الذي كنتُ أحدِثه تمامًا عند الساعة السابعة صباحًا؟