آراء

تعدد الزوجات في تونس بين الأمس واليوم

بقلم: د. ليلى الهمامي

Advertisement

احتفلت تونس أمس بذكرى إعلان مجلة الأحوال الشخصية، التي تضمنت القرار التاريخي بإلغاء تعدد الزوجات نهائيًا. وقد شكّل هذا التشريع إنجازًا بارزًا، تحقق بفضل قرار سياسي شجاع من الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، جاء في إطار رؤية تقدمية تحررية وثورية، مدعومة باجتهاد علمي لمجموعة من علماء جامع الزيتونة آنذاك. ورغم أن جذور هذا التوجه تعود إلى بدايات القرن العشرين مع المفكر الطاهر الحداد، فإن قرار إلغاء التعدد ظلّ علامة فارقة في مسيرة تونس الإصلاحية، وواحدة من أبرز مكاسبها المميزة.

غير أن المشهد الاجتماعي اليوم يفرض تحديات جديدة، لا تقل خطورة عن تلك التي سبقت إصدار ذلك القرار. فكما هو الحال في معظم الدول العربية، تواجه تونس ارتفاعًا لافتًا في نسب الطلاق، وتزايدًا غير مسبوق في قضايا النفقة، وهو ما يهدد ليس فقط تماسك ما تبقى من الأسرة، بل أيضًا كرامة ووضع الرجال المدني.

Advertisement

إلى جانب ذلك، برزت ظواهر اجتماعية مقلقة، مثل تأخر سن الزواج، وارتفاع معدلات العزوف عنه، وهي قضايا تستدعي دراسة معمقة ومعالجات مبتكرة. ولم يعد من المجدي الاكتفاء بالارتكان إلى مكاسب الماضي، مهما كانت قيمتها، في ظل التحولات الاجتماعية العميقة والتناقضات المتسارعة التي يشهدها المجتمع.

إن المطلوب اليوم هو الاجتهاد الفكري بعيدًا عن الجمود الإيديولوجي والأحكام المسبقة، والتعامل مع هذه الملفات بحس وطني ومسؤولية عالية. فقضايا الأسرة والمجتمع لا ينبغي أن تُقابل بردود فعل تلقائية أو دفاع أعمى عن “مكاسب” قد لا تلبي حاجات الحاضر والمستقبل.

شخصيًا، أرى أنه لا وجود لـ”مقدسات” حين يتعلق الأمر بكرامة الإنسان وحقوقه. فالمقدس الوحيد هو المواطن وكرامته، وأمن الوطن وسلامته، وضمان الحرية للأجيال القادمة.

تعدد
د. ليلى الهمامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى