آراء

تراثنا هويتنا : التراث والهوية رافدا الأصالة والتنوير

بقلم : أ.د. شعبان الأمير

Advertisement

لا يرقىٰ شكٌّ أنّ العملَ على الأرضِ خيرٌ من ألفِ كلمةٍ ، ونحنُ ندركُ أنّ مسؤوليتنا تجاهَ أولادِنا وشبابِنا وأسرنا تتجلى في توعيتهم بالتراثِ وتعزيزِ الهويةِ لديهم. ففي زمنِ المخاطرِ الجمةِ والغزواتِ الثقافيةِ المتنوعةِ ، تُصبحُ حمايةُ الهويةِ واجبًا وطنيًّا لا يقبلُ التأجيل.

Shaban2

Advertisement

وعن أهميةُ الهويةِ فتُمثّلُ الهويةُ الرداءَ الذي يكسوُ روحَ الوطنِ ، والانتماءَ الذي يُعزّزُ الولاءَ للدينِ والمجتمعِ. فمُواطنٌ بلا هويةٍ هو مُواطنٌ بلا شعورٍ أو وجدانٍ ، مُهيّأٌ للانقيادِ لأيِّ غزوٍ ثقافيٍّ أو اقتصاديٍّ أو دينيٍّ أو رياضيٍّ أو سياسيٍّ.

وحول مسؤوليتنا تجاهَ الجيلِ الجديدِ فتقع على عاتقِنا مسؤوليةُ حمايةِ جيلِ المستقبلِ من الغزواتِ التكنولوجيةِ والأفكارِ الهدّامةِ. ونحنُ نُؤكّدُ على أهميةِ تربيةِ أولادِنا على حبِّ تراثِهم وهويتهم بقيمِها النبيلةِ من حبٍّ وولاءٍ وانتماءٍ.

Shaban3

وعن المبادراتٌ لحمايةِ الهويةِ فتسعى المؤسساتُ جاهدةً لحمايةِ الهويةِ وتعزيزِها ، ونذكرُ هنا جهودَ وزارةِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ ممثلةً في أكاديميةِ البحثِ العلميِّ والتكنولوجيا. فمن خلالِ خارطةِ طريقِ التراثِ وتأصيلِ الهويةِ ، تسعى الأكاديميةُ إلى نشرِ الوعيِ بينَ الطلابِ والشبابِ بأهميةِ التراثِ المصريِّ وقيمِه النبيلةِ. إنّ حمايةَ الهويةِ مسؤوليةٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ ، ونحنُ نُؤكّدُ على أهميةِ العملِ معًا لحمايةِ جيلِ المستقبلِ من الغزواتِ الثقافيةِ وتأصيلِ الهويةِ في عقولِهم ووجدانِهم.

Shaban4

وتسعي المؤسسات الحكومية الرسمية بالزود عن الهوية وأصالتها وترسيخها بكل وشتى السبل الممكنة حفاظا على الإنسان أساس وعماد الوطن فهنيئا لوطن يعتز فيه المواطن بتراثه وهويته محافظا مدافعا عن تلك الهوية حصن وأمان وطننا الحبيب. فمساعي الدولة كبيرة وكثيرة وذلك من خلال التكليفات الرسمية وغير الرسمية للمعنيين والمسؤولين والمهتمين وأصحاب الرؤي والثقافة ، ويجب عليهم ان يقوموا بواجبهم حيال ذلك.

Shaban7

ومن الأمثلة الساطعة والمنيرة والتي بدأت تخطو أولي خطواتها نحو الزود عن التراث وتأصيل الهوية لدي جموع وفئات الشعب وخاصة الطلاب والشباب زهور وأمل المستقبل القريب ما تقوم به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية برعاية معالي أ.د./ ايمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي ممثلة في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بإشراف سعاد أ.د./ جينا الفقي رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا من خلال قطاع المجالس النوعية ودوره الهام والحيوي والمنوط به من خلال أحد مجالسه المتخصصة وهو مجلس بحوث الثقافة والمعرفة وهو إحدي المجالس المعنية بالثقافة وتعزيز المعارف وذلك من خلال فريق بحثي علمي حملوا علي عاتقهم حماية الهوية وتأصيلها من خلال التراث العظيم.

Shaban5

وتجلي ذلك الأمر من خلال خارطة طريق وضعت بعناية ودراسة متأنية وقدمت لها أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا كافة السبل المعنوية والمالية لتحقيق أهدافها وأجندتها وهي خارطة طريق التراث وتأصيل الهوية والتي بدأت من بضع شهور بالنزول للشارع والمؤسسات كافة والطلاب أينما كانوا في المدارس والجامعات والأندية ومراكز الشباب والمساجد والكنائس للتحدث معهم والقرب منهم وفهم عقولهم وثقافتهم ، وتلقينها وتنقيتها وتعزيز وتأصيل قيم الولاء والانتماء والتسامح والحب فيها وفي وجدانهم وتأصيل هويتهم وتحبيبهم فيها والافتخار والاعزاز كونهم أصحاب حضارات متعددة علمت العالم العلم والثقافة والمعرفة.

Shaban8

وهم على العهد مستمرين بزرع بذور الهوية وتنميتها ورعايتها في أرض طيبة وهي عقول ووجدان هؤلاء الشباب قادة المستقبل حتى نجني ثمرات ذلك في كونهم أصبحوا واعين بأهمية الهوية والحفاظ عليها والزود عنها ضد كل ما هو عاري ومزيف ومضلل ضد كل المحاولات الشيطانية بسلخهم عن هويتهم وفقدهم شعور وقيم وعادات وأعراف أصيلة تعبر عن قيمة هذا الوطن وأصالته فبالتراث نحمي هويتنا والهوية سلاح بقاء الأوطان.

ونؤكد توكيد ثقة وواقع أن العمل علي أرض الواقع أفضل مليون مرة من الحديث والتحدث من المكاتب دون المحاكاة والتفاعل مع الفئات المعنية ، فتوعية أولادنا وشبابنا ومدرسينا بالتراث وتعزيز وتأصيل الهوية لديهم والقرب من أولادنا و بناتنا مهم جداً ، ولما لا والمخاطر كبيرة وكثيرة ومتلاحقة ومتنوعة ، وهناك أشكال خادعة مثل الذئاب همها وشغلها الشاغل تقطيع رداء الهوية ومن ثم سلخ ذلك الرداء وهدم بل محو قيم الولاء والانتماء للدين وللمجتمع والوطن فتهون بعد ذلك  أي شيء ويصبح مواطن بلا هوية بلا شعور أو وجدان فيتقبل أي غزو لبلاده ولوطنه أيما كان ذلك الغزو ثقافيا  واقتصاديا ودينيا ورياضيا وسياسيا.

Shaban6

وكما قيل في الأثر من هانت عليه نفسه هان عليه كل شيء ولا يوجد أعظم وأكبر وأهم من الوطن فهو الملاذ والملجأ والحصن والحائط والأمن والدفيء ، وهو سماء آمنه وبرا مستقرا وأرضا طيبة وبحرا أمواجه أمواج خير.

كلموا اولادكم وحدثوا من هم في رعيتكم ممن تشملهم رسالتكم ورعايتكم الرسمية وغير الرسمية ، أسرعوا ببناء حصون الأمان والحماية والزود عن الهوية وأصالتها وترسيخها في عيون وعقول ووجدان وألسنة هؤلاء الزهور اليافعة طلاب المدارس والجامعات ومراكز الشباب والرياضة فهؤلاء هم المستقبل. ويجب علينا جميع أن نحميه ونصونه حتي نضمن حمايتهم لنا ووطننا ، فهم قادة المستقبل القريب وقيادات الغد فلا نتركهم فريسة لتلك الغزوات التكنولوجية وأفكارها الهدامة ، ومثلما يقال في الأثر (دس السم في العسل) ليعلم ويتقين ويعي عن اقتناع وإيمان هؤلاء الشباب والطلاب حبهم لتراثهم وهويتهم بقيمها الحب والولاء والانتماء ، فوالله لا تنهار الامم الا بفقد هويتها وفقدان الاعتزاز بها وموت وانعدام قيم الولاء والانتماء للوطن.

Shaban9

وفي ختامِ جولتنا عبرَ دروبِ الهويةِ  ، نُدركُ أنّها ليستْ مجرّدَ انتماءٍ جغرافيٍّ أو تاريخيٍّ ، بل هي شعورٌ عميقٌ ينبعُ من صميمِ الروحِ ، وحبٌّ خالصٌ ينبضُ في عروقِنا. فلقد حبانا اللهُ عزّ وجلّ بتراثٍ عظيمٍ وحضارةٍ عريقةٍ ، ونحنُ مسؤولونَ عن حمايتها ونقلِها للأجيالِ القادمةِ. فلنجعلْ من تراثِنا وهويتنا مصدرَ فخرٍ واعتزازٍ ، ونُعزّزَ قيمَ الولاءِ والانتماءِ في نفوسِ أولادِنا، ونُعلّمَهم أنّ مصرَ هي أمُّنا جميعًا ، وأنّ واجبَنا تجاهَها هو واجبٌ دينيٌّ ووطنيٌّ. وختامًا ، نُردّدُ معَ الشاعرِ أحمدَ شوقي :

بلادُ العُلى أنتِ دارُنا وإليكَ نَفْسُنا تَميلُ … هُناكَ حَياتُنا ونَفْسُنا وَمَوْتُنا هُناكَ جَميلُ

كُلُّما نَظَرْتُ في آفاقِها رَأَيْتُ مَنَارَها يَميلُ …. مِنْ فَجْرِها هَدْيُنا وَنُورُها وَعِزُّها عِزُّنا وَحَوْلُ مِنْ مَجْدِها مَجْدُنا وَعِزُّها وَمِنْ حَضَارَتِها حضارتنا تَطُولُ

أ.د./ شعبان الأمير : رئيس الفريق البحثي لخارطة طريق التراث وتأصيل الهوية المصرية مجلس بحوث الثقافة والمعرفة قطاع المجالس النوعية أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى