بين تحذيرات حمد بن جاسم وعمرو موسى.. هل يملك العرب أدوات لوقف “جنون” الحرب؟

بقلم : سامر شعلان
في ظل التصعيد العسكري المتسارع بين إيران وإسرائيل، ترتفع الأصوات العربية محذّرة من تداعيات ما يصفه البعض بـ”الجنون السياسي والعسكري” الذي يُنذر بتقويض استقرار المنطقة بأسرها، ويضع الخليج فوق صفيح ساخن.
في هذا الإطار، أطلق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر الأسبق، تحذيرًا شديد اللهجة، معتبرًا أن منطقة الخليج “تدفع ثمنًا باهظًا” لهذا التوتر المتصاعد. ودعا إلى تحرك خليجي عاجل لدى الإدارة الأميركية لوقف هذا “الجنون”، على حد تعبيره.
وفي سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي، أكد الشيخ حمد أن استمرار التصعيد لا يصب في مصلحة أي طرف، بل يفتح الباب أمام سيناريوهات كارثية تهدد أمن الخليج برمّته، قائلاً: “لقد آن الأوان لدول الخليج أن تتحرك بفاعلية وتضغط دبلوماسيًا على واشنطن، لمنع الانزلاق نحو حرب شاملة”.
من جهته، عبّر عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق، عن قلقه العميق من تداعيات الضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، وما تبعها من ردود عسكرية متبادلة. وأكد أن الأمن الإقليمي برمّته بات على المحك، قائلاً: “مصر والشعب المصري ليسا بمنأى عن هذا التهديد. فالمنطقة مترابطة، والحروب الكبرى لا تعترف بالحدود”.
هذه التحذيرات المتكررة تعيد طرح سؤال ملح: هل تمتلك الدول العربية بالفعل أوراق ضغط كفيلة بوقف التصعيد بين طهران وتل أبيب؟ لا سيما في ظل الفشل العربي المستمر في وقف العدوان على غزة، وضعف التأثير في إدارة أزمات المنطقة المتفاقمة.
يرى مراقبون أن الخطاب العربي، رغم وحدة لهجته الرافضة للحرب، لا يزال يعاني من التشتت وضعف التأثير، نتيجة الانقسامات السياسية وتباين التحالفات الإقليمية والدولية. وهو ما يجعل التحركات الدبلوماسية العربية تفتقر إلى الفاعلية، وتظل في الهامش بدلًا من أن تكون في صلب المعادلة.
ويضيف هؤلاء أن غياب القرار العربي المستقل يقف عائقًا أمام أي تأثير حقيقي. فالعواصم العربية لا تفتقر إلى الإمكانيات، بل تفتقر إلى الإرادة السياسية السيادية — وهي عملة نادرة في المشهد العربي الراهن.
وفيما تتواصل عمليات الرد والرد المقابل بين إسرائيل وإيران، تتصاعد المخاوف من انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة، قد تمتد إلى دول الجوار وتُغرق الإقليم في دوامة جديدة من الفوضى والعنف.
وبات من الجليّ أن مفاتيح القرارين السياسي والعسكري في العالم العربي ليست بأيدي الفاعلين الإقليميين. وإن كانت بعض الأطراف تتحاشى الاعتراف بهذه الحقيقة، أو تعلّق آمالًا وهمية على تغير محتمل، فإن الواقع لا يبشّر بقرب العودة إلى جادة الصواب.
ولا تُعدّ الأزمة الإيرانية الإسرائيلية استثناءً، بل هي انعكاس لحالة عامة من العجز السياسي العربي. فحتى في الساحة الفلسطينية، أخفقت الدول العربية في وقف المجازر المستمرة في غزة، رغم توالي القمم وتشكيل اللجان، وعلى رأسها لجنة الاتصال المنبثقة عن مؤتمر القمة الإسلامي، التي لم تثمر حتى الآن عن نتائج تُذكر.
الخلاصة:
لا تنقص العرب الإمكانيات، وإنما ينقصهم القرار السيادي المستقل. وهذا القرار لا يمكن أن يُولد من فراغ، بل يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، تضع المصالح الوطنية والعربية فوق الحسابات الضيقة والارتهانات الخارجية.
وفي الختام، تبقى الأسئلة معلقة:
هل تمتلك العواصم العربية – أو بعضها – مفاتيح التأثير في معادلات الحرب والسلام؟
أم أن القرار الإقليمي بات رهينة الحسابات الدولية، بينما لا يتعدّى الموقف العربي — في أحسن أحواله — حدود بيانات التنديد والقلق؟