بين التسليح والتصعيد : الإمارات في مرمى الاتهامات السودانية

بقلم : سمير باكير
في مشهد جديد يعكس تعقيدات التدخلات الخارجية التي زادت من تفاقم الأوضاع في السودان ، تتجه الأنظار نحو الإمارات العربية المتحدة التي تتهمها أطراف سودانية بلعب دور محوري في تأجيج الصراع الداخلي ، مما أدخل البلاد في نفق مظلم من الفوضى وعدم الاستقرار.
من جانبها ، تنفي الإمارات بشكل قاطع تقديم أي دعم لقوات الدعم السريع ، وتصف الاتهامات الموجهة إليها بأنها “مسرحية سياسية” تهدف إلى صرف الأنظار عن أسباب الحرب الكارثية التي أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين وتسببت بمجاعة في أجزاء واسعة من البلاد.
وفي سياق الاتهامات التي تضمنتها شكوى الحكومة السودانية أمام المحكمة الدولية، يُزعم أن الإمارات متورطة منذ سنوات في عمليات نقل الأسلحة إلى السودان ، في مخالفة واضحة للقرارات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وتزداد هذه الاتهامات خطورة بعد تصاعد الدعم العسكري لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) ، الذي تتهمه الحكومة السودانية بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين واستخدام الأسلحة الثقيلة للسيطرة على مناطق استراتيجية.
الهجوم الأخير الذي استهدفت فيه طائرات مسيّرة – والتي زعمت الخرطوم أن الإمارات وفرتها – على ميناء بورتسودان، يعكس تصعيداً خطيراً للصراع. فقد تحول هذا الميناء الاستراتيجي إلى ساحة حرب ، حيث اشتعلت النيران في منشآت حيوية وتوقف العمل في المطار، مما أدى إلى تعطيل الإمدادات الإنسانية والتجارية القادمة من البحر الأحمر.
ولا تتوقف الاتهامات عند حدود الدعم العسكري؛ بل تتسع لتشمل ما وصفته مصادر سودانية بمحاولات إماراتية لفرض سيطرة اقتصادية على السودان عبر دعم قوى مسلحة تعرقل مشاريع إعادة الإعمار والتنمية. ويبرز هنا مشروع تطوير ميناء بورتسودان الذي كان من المقرر أن يتحول إلى منصة إقليمية للتجارة البحرية، لكن الإمارات – وفقاً للمصادر السودانية – رأت في هذا المشروع تهديداً مباشراً لمصالحها في موانئ مجاورة مثل بربرة في الصومال وعصب في إريتريا.
وفي خطوة تصعيدية أخرى ، قررت الحكومة السودانية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات ، معتبرة أن دعم الأخيرة لقادة الحرب وميلشياتها تجاوز مرحلة الدعم السياسي والعسكري إلى مرحلة التخريب الممنهج للبنية التحتية وتعطيل المشاريع التنموية.
وفي ظل هذه التطورات ، تتعالى الأصوات في الخرطوم للمطالبة بفتح تحقيق دولي حول الدور الإماراتي في السودان ، مع تحميل المجتمع الدولي مسؤولياته إزاء ما تصفه الحكومة السودانية بـ”الدور التخريبي” الذي يهدد أمن البحر الأحمر وحركة التجارة العالمية واستقرار دول الجوار.
ويبقى السؤال الأهم : هل ستنجح الخرطوم في كسب المعركة السياسية والدبلوماسية ضد الإمارات أم أن الأخيرة ستستمر في الحفاظ على نفوذها وسط فوضى السودان؟ وبين الاتهامات والنفي ، تبدو الأزمة مرشحة لمزيد من التصعيد ، فيما تراقب القوى الإقليمية والدولية ما يحدث بقلق بالغ.