آراء

بعد “السلام مقابل السلام” .. هل يتحرر العرب؟

بقلم : د. جمالات عبد الرحيم

Advertisement

تعتبر فترة السبعينيات من القرن الماضي مرحلة مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، وخصوصاً مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 بين مصر وإسرائيل ، تحت قيادة الرئيس المصري أنور السادات. كان هذا الاتفاق يمثل خطوة جريئة نحو تحقيق السلام في المنطقة ، إلا أنه قوبل بمعارضة شديدة من غالبية الدول العربية.

وعندما قام السادات بزيارة القدس في عام 1977 وأعلن عن اتفاقية السلام ، كانت ردود الفعل من الدول العربية متنوعة ، واعتبرت الدول العربية أن السلام لا يمكن أن يتحقق في ظل الاحتلال ، وأن هناك حاجة إلى تحرير الأراضي الفلسطينية قبل الحديث عن أي نوع من السلام. كما دعمت بعضها الفصائل الفلسطينية المعروفة بالمقاومة ، واعتبرت أنها الخيار المناسب لمواجهة الاحتلال.

Advertisement

هذا الموقف يعكس رؤية العديد من الحكام العرب آنذاك الذين كانوا يرون في السلام مع إسرائيل خيانة لقضية فلسطين ، حيث كانت مشاعر الغضب والرفض تسود الأوساط الشعبية والسياسية في عدة دول. كما أن قضية الاحتلال كانت دائمًا مرتبطة بالكرامة الوطنية ، مما زاد من تعقيد الموقف.

مع مرور الوقت ، شهدت المنطقة تغييرات كبيرة ، وتم إعادة تقييم مواقف الدول العربية تجاه إسرائيل. وفي السنوات الأخيرة ، بدأنا نرى اتفاقيات تطبيع جديدة بين بعض الدول العربية وإسرائيل ، مثل الإمارات والبحرين والسودان والمغرب. هذا التحول يعكس تغيرًا في الاستراتيجية السياسية والاقتصادية لبعض دول المنطقة ، حيث ترى في التعاون مع إسرائيل فرصة لتعزيز الأمن والتنمية.

اليوم ، نجد أن بعض الحكام العرب يتفقون مع الولايات المتحدة وإسرائيل على الرغم من تباين المواقف حول قضايا مثل السلام في فلسطين. يبدو أن هناك توازنًا سياسيًا ، حيث تسعى بعض الدول إلى الاستفادة من الدعم الأمريكي في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. إلا أن هذا التعاون يثير تساؤلات حول مدى التزام هذه الدول بقضية فلسطين ، ومدى تأثير ذلك على مواقف الشعوب العربية.

من جهة أخرى ، فإن الرفض الشعبي لا يزال قائمًا ، ويعبر عن نفسه من خلال الاحتجاجات والنقاشات العامة. وتزايد وعي الشارع العربي بضرورة حرية فلسطين من الاحتلال ، ويتطلب ذلك من الحكومات العربية اتخاذ مواقف واضحة تعكس إرادة شعوبها.

يمكن القول إن موقف الحكام العرب من اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل يتطلب التحكم في تحقيق توازن بين المصالح الوطنية والأمنية وبين التزاماتهم تجاه القضية الفلسطينية.

والآن وبينما تتجه بعض الدول نحو التطبيع ، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تحقيق سلام شامل يحترم حقوق الفلسطينيين ويحقق العدالة في المنطقة.

د.جمالات عبد الرحيم :(خبيرة في العلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان ، خبيرة في أمن المعلومات ، خبيرة فساد مالي وإداري ، مستشار في التحكيم الدولي وحقوق الانسان ، مستشار في مكافحة الجرائم الدولية وغسيل الأموال ، مستشار علاقات دبلوماسية وقنصلية ، مفوض دبلوماسي خاص ، عضو دفاع وحقوق انسان ، خبيرة في التجميل والتغذية علاجية والطب البديل التكميلي ، أخصائية إرشاد أسري وصحة نفسية ، أخصائية طب طوارئ واسعافات أولية).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى