المجتمع العُماني يرسم صورة من التلاحم والتراحم الانساني لمواجهة تبعات إعصار شاهين
كتب : محمد سعد
كشفت تداعيات الحالة المناخية لإعصار شاهين الذي ضرب بعض المحافظات السلطنة ، قيمة مبدأ التكافل الاجتماعي المنبثق في الأساس من التعاليم الإسلامية، والمتأصل في الثقافة العامة للشعب العُماني، حيث أظهر العمانيون صورًا مشرقة من التكافل الاجتماعي، بدأً من القيادة السياسية ومروراً بالحكومة ومؤسسات الدولة، ثم مختلف الولايات، وانتهاءً بأفراد الشعب العُماني.
وقد جاء النظام الأساسي للدولة في مادته الثانية عشرة وكرّس الفكرة وحولها إلى نظام يترابط به المجتمع ومؤسساته وجاء في تلك المادة ما نصه “وتعمل (أي دولة) على تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة”.
وقد أمر صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – ، بتشكيل لجنة وزارية ، ووجه بضرورة الإسراع في إصلاح البنية الأساسية التي تضررت نتيجة الأنواء المناخية، بالإضافة إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لسرعة إعادة الخدمات الأخرى المتضررة .. وتضم اللجنة في عضويتها، عدد من المعالي الوزراء والمسئولين من الجهات ذات العلاقة، من أجل إعادة الأمور إلى طبيعتها بأسرع وقت ممكن.
وعقدت اللجنة التي ترأسها معالي سلطان بن سالم الحبسي وزير المالية رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الوزراء، أول اجتماع لها وتمت مناقشة أعمال اللجان القطاعية العاملة تحت إدارة اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة بالسلطنة، واتخاذ القرارات التي من شأنها وضع الأولوية في حماية الأرواح وإعادة الحياة الطبيعية للمتأثرين بشكل مباشر وسريع، وذلك من خلال توفير الاحتياجات الأساسية للإعاشة وإعادة تشغيل الخدمات الأساسية في الولايات العُمانية المتأثرة.
وإذا كان للمبادئ والقيم الاجتماعية أن تتحول مع الوقت ومع تطور الحياة وتعقد مدخلاتها إلى قوانين تبقى علامة بارزة من علامات تطور المجتمعات فإن قيمة التضامن الاجتماعية تستحق أن تكون قانونًا ونظامًا من أنظمة الدولة العُمانية.
وتجسدت هذه القيم الانسانية في تقديم وتسيير عدد من الولايات قوافل الإغاثة والمساعدات إلى الولايات التي تضررت من إعصار “شاهين” حيث بدأ فريق إبراء الخيري تسيير قوافل الإغاثة إلى ولايات محافظتي شمال وجنوب الباطنة من خلال التنسيق مع المديريات العامة للتنمية الاجتماعية والفرق الخيرية بولايات بركاء والمصنعة والسويق والخابورة من أجل تقديم العون والمساعدة للأهالي والمقيمين من خلال توفير بعض المؤن اللازمة من المواد الغذائية والاستهلاكية والكماليات المختلفة من ملابس وفرش وسجاد وحصر وأدوات تنظيف.
كما شكّل فريق نزوى الخيري وعبري الخيري مجموعة فرق تطوعية لدعم جهود الإغاثة بمحافظتي شمال وجنوب الباطنة نتيجة الأضرار التي خلّفتها الأنواء المناخية «شاهين» ورصد الفريق مبالغ مالية لتمويل هذه الجهود، بالإضافة إلى فتح مجال التطوّع والتبرّع لمؤازرة الفريق في حملته كما قدّم الفريق دعمًا لمراكز الإيواء بالمحافظة مساهمة منه في توفير المستلزمات للمحتاجين.
وفي ذات السياق، بدأ الأهالي بولاية لوى تجسيد وقفتهم مع المتضررين في ولايتي الخابورة والسويق جراء العاصفة المدارية «شاهين» منذ أن انتهت حدتها. وشكلت المبادرة ذهاب متطوعين من أبناء الولاية لمساعدة الأسر في تنظيف المنازل وإزاء المخلفات من الطرق للمعاونة على فتحها جنبًا إلى جنب مع الجهود القائمة هناك المبذولة من المؤسسات الحكومية والخاصة والمتطوعين من مختلف المحافظات، وسوف يستمر تواجدهم خلال الأيام المقبلة من باب إعادة الحياة إلى طبيعتها إلى ما قبل الإعصار.
خلاصة القول أن المشهد الحالي للمجتمع العُماني وتحول العديد من الولايات العُمانية إلى خليات نحل متنقلة لإزالة أثار إعصار “شاهين”، ترسم مشهد من أروع المشاهد الانسانية، وتعطي نموذجاً فريداً من تعاضد المجتمع والدولة قيادة وحكومة ومؤسسات في التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد.