عبدالحميد زيباري

كردستان العراق
آراء

الكرة تقرب الشعوب بعد أن فرقتها السياسة

من يوميات صحفي كردي

بقلم : عبدالحميد زيباري – إقليم كردستان العراق

Advertisement

كنت منشغلاً في قراءة مذكرات دبلوماسي عراقي تعود إلى عهد النظام العراقي السابق ، رجعت بذاكرتي إلى أعوام الثمانينات من القرن المنصرم ، حين كنت في سن المراهقة ونعاني من أحداث الحرب العراقية الإيرانية التي أعتبرها بداية النكبات التي حلت بمنطقة الشرق الأوسط لما تلتها من أحداث مؤلمة.

كنت في هذا الوضع عندما سمعت فجأة صوت معلق رياضي باللغة العربية. التفت إلى شاشة التلفاز التي أصبحت ضيفاً ثقيلاً في المنزل بسبب غزو مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) ، لأجد ابني يوسف ، ذي 12 عاماً ، يتابع مباراة لكرة القدم. سألته إن كانت المباراة لأندية أوروبية ، لأنني أعلم جيداً أنه مغرم بمباريات ريال مدريد وبرشلونة والأندية الأوروبية الأخرى. لأستغرب من إجابته عندما قال لي إنها نهائي كأس الملك. فقلت له : “أي ملك؟” فأجاب بأنه دوري المملكة العربية السعودية وهذه المباراة النهائية بين ناديي الهلال والنصر.

Advertisement

سألته : “وهل تتابع دوري أندية الدول العربية؟ وأنت لا تعرف من اللغة العربية سوى بضع كلمات قليلة؟” كون اللغة الأم هي الكردية ، وإلى جانبها لغة دراسته الإنجليزية. فأجاب : “نعم ، لأن هناك رونالدو يلعب في النصر ونيمار يلعب في الهلال. “لكثرة ضجيج المعلق وحلاوة المباراة ، اضطررت أن أضع مذكرات الدبلوماسي العراقي جانباً وأتابع المباراة مع ابني وأفكر في ما عملته كرة القدم من تقريب الشعوب مع بعضها”.

ابني الذي لا يتقن اللغة العربية ولكنه يرتبط مع الشعوب العربية برابطة الدين الإسلامي الحنيف ، بدأ يعرف كل شيء عن دولة عربية وأنديتها الرياضية ودوري الكرة المحلي لهذه الدولة والسبب هو كرة القدم. وأنا أتابع الكرة وهي تنتقل بين أقدام اللاعبين ، أفكر في ما وصل إليه حال شعوب الشرق الأوسط التي فرقتها السياسة وأبعدتها عن بعضها. فها هي كرة القدم تقربها من بعضها مرة أخرى. ربما الخطوة التي أقدمت عليها بعض الأندية العربية جيدة لتتعرف الشعوب الأخرى على بلدانها ، وإن كان السبب اللاعبين الأجانب.

لكن ما أحزنني في نهاية المباراة هو خسارة النصر أمام الهلال ، لأن إبني يوسف من المعجبين الشرسين باللاعب رونالدو الذي خسر المباراة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى