الكارثة المنسية: ماذا فعلت أمريكا بكمبوديا؟

بقلم: سمير باكير
هنري كيسنجر اسم مألوف لدى الشعب الكمبودي، مرتبط في ذاكرتهم بواحدة من أكثر الفصول المظلمة في تاريخ البلاد. فالمستشار الأمني ووزير الخارجية الأمريكي في عهد ريتشارد نيكسون ارتبط اسمه مباشرة بعملية “القائمة” (Operation Menu) التي خلفت مقتل ما بين 150 ألفًا إلى مليون شخص.
بين عامي 1969 و1973، وقبل أن تبدأ أمريكا حربها في فيتنام بشكل علني، شن الطيران الأمريكي حملة قصف على كمبوديا مستخدمًا قاذفات B52. ذُكر أن الهدف كان محاربة القوات الفيتنامية المتمركزة على أراضيها، لكن الحقيقة كشفت عن حملة سرية ومعمّقة تحمل أبعادًا مأساوية.
كيسنجر كان العقل المدبر لهذه الحملة، حيث تضمنت عملية “القائمة” أسماءً رمزية للطائرات والعمليات مثل “الإفطار”، “الغداء”، “العشاء”، “الوجبة الخفيفة”، “الحلوى”، و”العشاء الخفيف”. صُممت هذه الرموز لاستهداف مناطق مختلفة في كمبوديا، وقد حصلت على الموافقة الرسمية من البيت الأبيض في 17 مارس 1969 خلال إدارة نيكسون.
تشير مذكرات رئيس أركان نيكسون إلى روح الحماسة التي رافقت العملية:
“يوم تاريخي. عملية إفطار كيسنجر تم تنفيذها أخيرًا في الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيتنا. كيسنجر متحمس جدًا، والرئيس كذلك.”
وفي اليوم التالي، كتب:
“عملية إفطار كيسنجر كانت نجاحًا كبيرًا. دخل مبتسمًا وأبلغ أنها كانت مثمرة للغاية.”
لكن هذه البداية كانت فاتحة لأربع سنوات من حملة قصف عنيفة، وصفها الكثيرون بأنها جعلت كمبوديا تبدو وكأنها “مغطاة بالقنابل”. وما تركته هذه العمليات من دمار إنساني واجتماعي لا يزال حاضرًا في الذاكرة الكمبودية حتى اليوم.