الفوائد البيئية والاقتصادية لتدوير إطارات المركبات
بقلم : د. حيدر بن عبدالرضا اللواتي
صدر عن هيئة حماية المستهلك مؤخرًا قرار جديد بشأن حظر تداول إطارات السيارات المُستعملة ، لتُستبدل المادة السادسة من القرار السابق الصادر في عام 2015 ، ورفع قيمة الغرامة الإدارية المفروضة على من يخالف أحكام القرار لتصبح 1000 ريال عُماني (2600 دولار أمريكي) بعد أن كانت 500 ريال عُماني (1300 دولار) سابقًا ، كما أشار القرار إلى سريان الغرامة الإدارية للذين يستمرون في المخالفة أيضًا.
العاملون في هذه المهن يعرفون جيدًا أن هناك فئة تقبل على شراء الإطارات المستعملة التي يركنها أصحابها في محال تغيير الإطارات والورش لتأتي تلك الفئة ومعظمها من الذين لا تسمح لهم الظروف المالية بشرائها والمساومة عليها لشرائها بسعر زهيد. كما يتم أحيانًا تصدير هذه الإطارات المستخدمة لدول أخرى يقوم أصحابها بإعادة تدويرها لتصنيع إطارات جديدة ، أو يتم فرمها لتصبح على شكل تراب ويتم استخدامها في صناعات جديدة وفي رصف الشوارع الحديثة.
لقد تمكنت هيئة حماية المستهلك خلال السنوات السابقة من ضبط بعض العمالة الوافدة بالبلاد ، والتي تقوم أحيانًا بتداول وبيع كميات كبيرة من هذه الإطارات المستعملة في بعض محالها التجارية. ولا شك أن في ذلك مخاطرة كبيرة ، إلّا أن بعض المستهلكين لا يبالون لهذا الأمر ، معرضين صحتهم وحياتهم وسلامتهم للخطر. وهذا ما يدفع هيئة حماية المستهلك دوريًا لمتابعة ومراقبة الأسواق بمختلف أنحاء البلاد لضبط تلك الممارسات الخطيرة والضارّة بالمستهلكين وسلامتهم ، وكبح التجاوزات التي يرتكبها بعض المزودين بهذه الكميات من أجل مكافحة انتشار تلك المنتجات المستخدمة في الأسواق المحلية.
هناك عمالة تعمل على تخزين تلك الإطارات المستعملة في بعض المحال التجارية ، وفي مواقع سكنها أحيانًا؛ حيث قامت بعضها في السنوات الماضية بتخزين الإطارات المستخدمة على أسطح المباني تمهيدًا لبيعها في الأسواق ، الأمر الذي دفع بالهيئة إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحق هؤلاء الأشخاص، ومصادرة الكميات وإتلافها والتخلص منها بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى في البلاد. وهي مستمرة في هذا الاتجاه لتصدر مؤخرًا قرارًا جديدًا بمضاعفة الغرامة المالية والإدارية على المخالفين.
هذه الإطارات المغشوشة يتم التلاعب في تواريخ صنعها أحيانًا من خلال إعادة تدويرها بصورة غير شرعية؛ الأمر الذي يفرض على الجهات المعنية إجراء دراسة جدوى اقتصادية لإنشاء صناعات أخرى من هذه الإطارات للحفاظ على البيئة كصناعة الأثاث الخارجي وبأشكال جذابة يمكن استخدامها في ظروف بيئية حارة وجافة وباردة أيضًا.
ففي عدة دول يتم إعادة تدوير هذه الإطارات نظرًا لفوائدها البيئية والاقتصادية، وفي نفس الوقت تشكل حلا ً اقتصاديا لمشكلة التخلص منها، حيث يتم أحيانا إرسالها إلى مكبات عامة لحرقها، الأمر الذي يسبب تلوث البيئة ويصبح تهديدًا لصحة البشر والحيوانات والنباتات.
ونظرًا لوجود تقنيات جديدة في عالم الصناعة فيمكن استغلال هذه الإطارات المستعملة لإعادة تدويرها لصنع منتجات جديدة ومفيدة، الأمر الذي يعطي فرصة للمؤسسات في الحصول على الدخل والربح ، وفرصا لتشغيل العمالة الباحثة عن العمل أيضًا. وبذلك يمكن المساهمة من خلال هذه الصناعات في تعزيز الاقتصادات وتوفير فرص عمل جديدة في الدول. وهذا يساعد أيضا في تعزيز الشراكة بين المؤسسات الحكومية والخاصة والأفراد وفي استقدام التقنيات الحديثة في المؤسسات، الأمر الذي تدفع الدول في استثمار له أهميته في الصناعة وفي مستقبل البشر من حيث النظافة والصحة.
المؤسسات التجارية التي تعمل في الإطارات عديدة في البلاد؛ حيث تتوفر في ورش إصلاح السيارات ومحلات بيع الإطارات ومراكز صيانة المركبات وغيرها. ويمكن لمؤسسات إعادة التدوير شراؤها وجمعها لإعادة تصنيعها وفق معايير وجودة عالمية تكون ملائمة وصالحة للاستخدام لمدة 3 إلى 4 سنوات دون أية أضرار. كما يمكن استعمال المطاط المجروش لهذه الإطارات في صنع أرضيات الملاعب أو الأرصفة أو الألواح المطاطية وفي الصناعات البلاستيكية، واستخدامها في الطرق والشوارع أيضا.
وأخيرًا.. إن إعادة تدوير إطارات المركبات سوف تساهم في تقليل انبعاثات الغازات عند حرقها؛ حيث إنها تسبب في تأثير مباشر على المناخ وعلى صحة البيئة والإنسان؛ الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية تبني السياسات والتشريعات المناسبة لتشجيع وتعزيز تدوير الإطارات المستعملة.