العلاقات الصينية الإفريقية تستجيب لنداء العصر وتحقق نتائج مثمرة
بقلم : ليو تشاو
التعاون الاقتصادي والتجاري دائما يكون “حجر الزاوية” و “العمود الفقري” للعلاقات الصينية الأفريقية. قد أصبح توصيل التجارة بين الصين والقارة السمراء سهلة وسريعة لحد مذهل في هذه الأيام ، حيث يتم نقل الزهور المقطوفة حديثا من مزرعة كينيا إلى رفوف السوق في مدينة تشانغشا بوسط الصين في غضون 48 ساعة ، تيسير التجارة لا ينفصل عن الإجراءات المنفذة والدعم القوي والثابت من الجانبين.
ففي نوفمبر عام 2021 ، أعلنت الصين عن إنشاء “قناة خضراء” للمنتجات الزراعية للدول الإفريقية التي تدخل الصين ، وفي هذا الإطار ، صاغت ونفذت الإدارة العامة للجمارك العديد من الإجراءات العملية لتسهيل وصول هذه المنتجات إلى الصين ، ومنها تقصير وقت التفتيش وتوسيع الإعفاءات الجمركية ، وبالتالي تم فتح قنوات بيع للزهور الكينية والأفوكادو والحمضيات والأناناس وغيرها من المنتجات الزراعية للبلدان الأفريقية.
وفي السنوات الأخيرة ، وبفضل التنفيذ المستمر لسلسلة من تدابير تيسير التجارة بين الطرفين ، تدفقت المنتجات الأفريقية المميزة إلى السوق الصينية ، مثل الزيوت الأساسية من مدغشقر ، والأحجار الكريمة من زامبيا ، والقهوة من إثيوبيا ، والمنحوتات الخشبية من زيمبابوي. وحتى يونيو عام 2023، حصل 16 منتجا زراعيا من 11 دولة أفريقية على الموافقة لدخول السوق الصينية بدعم “القناة الخضراء”، وقد تمتعت 21 دولة أفريقية بمعاملة تعريفية صفرية لـ98 في المائة من منتجاتها المصدرة إلى الصين.
ومع التطوير السريع للقوى الإنتاجية الحديثة النوعية للصين ، تم تصدير المنتجات المتنوعة للطاقة الجديدة مثل الألواح الشمسية الكهروضوئية ومصابيح الشوارع الشمسية والأجهزة الكهربائية المنزلية والأدوات الإلكترونية وغيرها من السلع إلى إفريقيا ، حيث نالت هذه المنتجات إقبالا واسعا من بين المستهلكين الأفارقة.
وحقق هذا الاقتراب التجاري نتائج مثمرة ، وفي عام 2023، وصل حجم التجارة بين الصين وأفريقيا إلى مستوى قياسي مع 282.1 مليار دولار أمريكي ، بزيادة سنوية قدرها 1.5 في المائة ، مما يدل على المرونة القوية لتجارة الجانبين. ومن بينها ، زادت واردات الصين من المكسرات والخضروات والزهور والفواكه من إفريقيا بنسبة 130 في المائة و32 في المائة و14 في المائة و7 في المائة على التوالي على أساس سنوي ، بينما ارتفعت صادرات مركبات الطاقة الجديدة وبطاريات الليثيوم والمنتجات الكهروضوئية من الصين إلى إفريقيا بنسبة 291 في المائة و109 في المائة و57 في المائة على أساس سنوي.
ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للجمارك الصينية أن التجارة بين الصين وأفريقيا ارتفعت بنسبة 5.5 بالمائة على أساس سنوي لتسجل 1.19 تريليون يوان (نحو 166.6 مليار دولار أمريكي) خلال الفترة من يناير إلى يوليو هذا العام.
إضافة إلى تيسير وتوسيع التبادلات التجارية التقليدية بين الطرفين ، يمتد هذا التعاون ليشمل المجالات الناشئة مثل الاقتصاد الرقمي والأخضر وعلم الفضاء والخدمات المالية ، مما ضخ حيوية بشكل مستمر لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك لكلا من الصين والدول الأفريقية.
التعاون التجاري والاقتصادي بين الصين والدول العربية في شمال أفريقيا لافت للأنظار ، لنلقي نظرتنا للتعاون التجاري بين الدول العربية التي تقع في شمال القارة الأفريقية والصين ، فسنجد أن هذا التعاون لافت للأنظار. الصين هي أكبر شريك تجاري لمصر ، أما مصر فهي من أهم الشركاء للصين في أفريقيا. حيث نشهد أن البرتقال الطازج والعنب والفراولة المجمدة والتمر والرمان الطازج وغيرها من المنتجات الزراعية المصرية عالية الجودة دخلت في السوق الصينية. والجدير بذكر أنه في مايو من هذا العام ، تم افتتاح حديقة هاير مصر البيئية بمدينة العاشر من رمضان رسميا. في هذه الحديقة ، تبلغ القدرة الإنتاجية السنوية لخطوط إنتاج مكيفات الهواء وأجهزة التلفزيون والغسالات حوالي مليون وحدة. وفي المجالات الأخرى، أعلنت هواوي كلاود، الرائدة في مجال تكنولوجيا السحابة ، عن إطلاق منطقة جديدة لخدماتها السحابية في القاهرة ، لتكون بذلك أول شركة تطلق سحابة عامة في مصر ، حيث تغطي المنصة السحابية الجديدة 28 دولة إفريقية وتساهم في دعم التحول الرقمي للصناعات الأفريقية المختلفة. ووفقا للتقارير ، في السنوات الخمس المقبلة، ستقوم هواوي بتدريب 10 آلاف مطور محلي و100 ألف متخصص رقمي لرعاية المواهب المحلية.
وفي الوقت نفسه ، يتطور التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والمغرب بسرعة أيضا. وقد اختارت العديد من الشركات الصينية الاستثمار في المغرب بسبب موقعه الجغرافي المتفوق وشبكة بنيته التحتية الكاملة. وبين عامي 2016 و2023، قد تضاعفت الاستثمارات الصينية في المغرب بأربع أضعاف. حيث تعد مدينة محمد السادس طنجة- تيك مثالا رائعا للتعاون الثنائي في إطار البناء المشترك للحزام والطريق.
علاوة على ذلك ، يخطط عدد كبير من الشركات الصينية الاستثمار في الجزائر، بما فيها شركات السيارات الصينية مثل شركة جيلي وشركة شيري، وكذلك شركات الأجهزة المنزلية العملاقة مثل مجموعة هايسنس الصينية وشركة هاير الصينية وشركة مايديا، حيث ستجلب هذه الشركات التكنولوجيا الفائقة إلى الجزائر للقيام بالإنتاج المحلي ، ولن يتم بيع هذه المنتجات في الجرائر فحسب ، بل سيتم تصديرها أيضا إلى الدول الأخرى. كما أن التعاون بين البلدين في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي والزراعة الحديثة والمدينة الذكية له إمكانات كبيرة وآفاق واسعة.
الأسباب وراء الحيوية النابضة للعلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا
أولا : أرسى التكامل الاقتصادي بين الصين وأفريقيا أساسا متينا للتعاون. فمن الزراعة إلى بناء البنية التحتية والتصنيع والخدمات ، ينعكس التكامل الاقتصادي بين الطرفين في شتى الجوانب بما فيها التعاون الصناعي والمساعدة الفنية وإمكانات السوق والتبادلات في الموارد البشرية.
ثانيا : ضخت إجراءات تيسير التجارة بين الصين وأفريقيا زخما في التعاون الاقتصادي والتجاري بشكل ملحوظ. ومع الإطلاق الرسمي لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ، قد أصبح تعميق التعاون التجاري مع الصين إجماع الدول الأفريقية. وفي الوقت نفسه ، تواصل الصين في توسيع قنوات دخول المنتجات الأفريقية إلى السوق الصينية.
ثالثا : في السنوات الأخيرة ، مع إنجاز مشاريع البنية التحتية في كلا الجانبين الصيني والأفريقي ، تحسن التوصيل والنقل بشكل كبير، مما وفر دعما قويا لتعزيز التجارة البينية.
“ليو تشاو” : صحفية صينية متخصصة في مجال الشؤون الاقتصادية والعلاقات الدولية.