الدوحة تحت النار… لحظة انكشاف الوهم

بقلم: د. يوسف حسن
لم تكن ليلة الدوحة حادثًا عابرًا، بل زلزالًا هزّ وجدان الأمة. صواريخ الاحتلال الصهيوني اخترقت قلب العاصمة القطرية، فيما طائراته تجوب السماء، والولايات المتحدة تضع بصمتها كشريك في التخطيط والتغطية. بين دماء سالت وصمت دفاعي مريب، انهارت آخر أوهام الحماية الأميركية.
أعلن الاحتلال ببرود أنّه استهدف قادة من حركة حماس، وكأنّ اغتيالهم على أرض عربية سيجعل إسرائيل أكثر أمنًا. غير أن ما جرى كشف حدود الجنون الصهيوني: كيان يتمدد في عدوانه ليطال ست دول في يوم واحد؛ من تونس إلى لبنان، ومن سوريا إلى قطر، مرورًا بغزة والضفة. لم يعد أحد بمنأى عن النار.
الردود العربية جاءت سريعة: قطر وصفت الهجوم بالإرهاب، السعودية أكدت دعمها الكامل للدوحة، العراق والكويت وتركيا شجبوا العدوان، فيما رأى العالم أنّ إسرائيل تقتل المفاوضات بيد وتطلق الصواريخ باليد الأخرى. لقد تبيّن مجددًا أنّ السلام ليس واردًا في قاموس تل أبيب، بل الحرب والدمار.
هذه المرة لم تُقصف غزة وحدها، ولا الضاحية الجنوبية أو دمشق أو رفح، بل كانت الدوحة، عاصمة خليجية مستقرة، هدفًا مباشرًا. الرسالة واضحة: لا خطوط حمراء عند إسرائيل، وأي دولة تعتقد أن المظلة الأميركية تحميها، إنما تعيش وهمًا خطيرًا.
لقد وجدت قطر نفسها في قلب النار بعد أن أمضت سنوات على طاولة الوساطات. واليوم، إما أن تدرك العواصم العربية والإسلامية أنّ المصير مشترك، أو أن تنتظر دورها في قائمة الأهداف القادمة.
إن استهداف الدوحة ليس عدوانًا على قطر وحدها، بل مساسًا بكرامة كل عربي ومسلم. والمطلوب اليوم ليس الاكتفاء ببيانات الإدانة، بل رفع صوت المقاومة الواحدة، لأنّ التاريخ لا يرحم المترددين ساعة الخطر.
لقد أطلق العدو صواريخه، لكنه أطلق معها صفارة الإنذار الأخيرة: إما أن نقف معًا… أو نسقط فرادى.