آراء

إلهام علييف… من استعادة السيادة إلى صناعة السلام في جنوب القوقاز

بقلم: د. محمد سعد

Advertisement

تحتفل جمهورية أذربيجان في الرابع والعشرين من ديسمبر بذكرى ميلاد الرئيس إلهام علييف، الذي ينظر إليه الشعب الأذربيجاني بوصفه قائدًا استثنائيًا أسهم بدور محوري في ترسيخ دعائم الدولة الحديثة، وتعزيز سيادتها الوطنية، واستعادة وحدتها الترابية كاملة بعد عقود من النزاع.

ويمثل الرئيس إلهام علييف أحد أبرز رموز التحول السياسي والاستراتيجي الذي شهدته أذربيجان في العقود الأخيرة، إذ قاد البلاد نحو نهضة شاملة استندت إلى بناء مؤسسات الدولة على أسس متينة، وتعزيز الاستقرار الداخلي، وترسيخ حضور أذربيجان كشريك موثوق ومسؤول على المستويين الإقليمي والدولي، لا سيما في منطقة جنوب القوقاز ذات التعقيدات الجيوسياسية.

Advertisement

وقد شكّلت استعادة الأراضي الأذربيجانية التي ظلت تحت الاحتلال لسنوات طويلة محطة تاريخية فارقة، جاءت نتيجة لسياسة حازمة ومتسقة انتهجها الرئيس علييف، جمعت بين قوة القرار، ووضوح الرؤية، والتمسك الصارم بمبادئ القانون الدولي. وأسهم هذا الإنجاز في انتقال الدولة الأذربيجانية إلى مرحلة جديدة نوعيًا، عنوانها السيادة الكاملة والقدرة على صياغة المستقبل بثقة واستقلالية.

وفي هذا السياق، يكتسب إعلان عام 2025 في أذربيجان «عام الدستور والسيادة» دلالة سياسية ومعنوية بالغة الأهمية، إذ يعكس هذا الإعلان توجهًا استراتيجيًا نحو تعزيز ركائز الاستقلال، وترسيخ القيم الدستورية، وتكريس السيادة الوطنية بوصفها أساسًا للاستقرار والتنمية. وتقدم أذربيجان في هذه المرحلة نموذجًا لدولة قوية ومستقرة، تنطلق في سياساتها من احترام القانون الدولي، وحماية مصالحها الوطنية المشروعة.

وعلى الصعيد الإقليمي، مثّل الاجتماع رفيع المستوى الذي عُقد في واشنطن في أغسطس 2025 نقطة تحول تاريخية في مسار جنوب القوقاز، حيث جرى التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا، في خطوة عكست اعترافًا متبادلًا بسيادة الدولتين ووحدة أراضيهما، ووضعت حدًا لمواجهة سياسية وقانونية امتدت لسنوات طويلة.

ويُعد هذا التطور ثمرة للدبلوماسية بعيدة النظر التي انتهجها الرئيس إلهام علييف، ولنهجه الاستراتيجي القائم على تحقيق السلام العادل والمستدام، دون التفريط في الحقوق السيادية. كما أسهمت التفاهمات التي أُنجزت في واشنطن في فتح آفاق جديدة لإعادة بناء الثقة، وتعزيز الاستقرار، وإطلاق مسارات للتنمية الاقتصادية والتكامل الإقليمي.

ومن أبرز النتائج المتوقعة لاتفاق السلام، إعادة فتح روابط النقل الحيوية، وتوسيع مجالات التعاون التجاري والإنساني، بما يعزز فرص الازدهار المشترك لشعوب المنطقة، ويدعم تحوّل جنوب القوقاز إلى فضاء للتعاون بدلًا من الصراع.

وفيما يتعلق بوحدة أراضي جمهورية أذربيجان، برز موقف المملكة العربية السعودية ثابتًا وواضحًا في مختلف المراحل، حيث أكدت التزامها بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي، وقدّمت دعمًا مستمرًا لسيادة أذربيجان ووحدة أراضيها. ويعكس هذا الموقف عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين، والقائمة على الاحترام المتبادل والتضامن الإسلامي.

ويُعد هذا الدعم السعودي مثالًا لسياسة خارجية مسؤولة ومبدئية، تسعى إلى ترسيخ قيم العدالة، وتعزيز الاستقرار، ودعم السلام الدائم في المنطقة. كما تشهد العلاقات السعودية الأذربيجانية تعاونًا متناميًا في مجالات متعددة، أبرزها الاستثمار والتجارة والطاقة، إلى جانب التنسيق السياسي المتواصل.

وتجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية كانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أذربيجان في ديسمبر 1991، قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين في فبراير 1992. وشهدت العلاقات تطورًا تدريجيًا مع افتتاح السفارة الأذربيجانية في الرياض عام 1994، ثم افتتاح السفارة السعودية في باكو عام 1999، في خطوة عكست متانة العلاقات الثنائية وحرص الجانبين على تعزيز الشراكة الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى