آراء

أهمية الاهتمام بالأبناء دون سن الدراسة وإلحاقهم بالتمهيدي

بقلم : هند بنت عبدالنبي البلوشية

Advertisement

لا شك أن الأطفال هم اللبنة الأولى والأساسية لبناء أي مجتمع ناجح ومستقر. فالاهتمام بهم في المراحل الأولى من حياتهم ليس مجرد واجب تربوي ، بل هو استثمار في مستقبلهم ومستقبل الأمة ككل. ومن بين هذه المراحل الهامة ، تأتي مرحلة ما قبل المدرسة ، التي تمثل سنوات التأسيس الأولى لنموهم الجسدي، العقلي، العاطفي والاجتماعي. لذا فإن إدراك أهمية هذه المرحلة وإلحاق الأبناء بالتمهيدي بات أمراً ضرورياً لتحقيق تطورهم المتكامل.

تعد مرحلة التمهيدي أول اتصال مباشر للطفل بعالم التعليم. وهي تمثل بيئة محفزة تُتيح للطفل فرصة استكشاف ذاته والتعرف على العالم من حوله بطريقة منظمة وممتعة. وتأتي هذه المرحلة بمناهج وأساليب مدروسة تهدف إلى تقديم المعرفة والمهارات بطرق تناسب سن الطفل وإمكاناته.

Advertisement

إلحاق الطفل بالتمهيدي يُساعده على تكوين قاعدة تعليمية قوية من خلال تعليمه الحروف، الأرقام، المفاهيم الأساسية، وحتى الأنشطة التي تعزز التفكير الإبداعي وحل المشكلات. كما أن هذه المرحلة تتيح له التعلم عبر اللعب، وهو الوسيلة الأكثر تأثيراً في تنمية مهاراته في هذا العمر.

في مرحلة ما قبل المدرسة، يكون الطفل في حاجة ماسة إلى تعلم كيفية التفاعل مع الآخرين. التمهيدي يوفّر بيئة اجتماعية غنية تُتيح للطفل فرصة التعرف على أقرانه، وتعلّم مهارات التواصل، المشاركة، التعاون واحترام الآخرين. هذه التجارب الأولية تُساعد الطفل على بناء علاقات صحية وتعزز ثقته بنفسه.

علاوة على ذلك، فإن وجود الطفل في بيئة التمهيدي يعلّمه الالتزام بالقواعد والانضباط في أوقات معينة، مثل أوقات اللعب وأوقات التعلم. وهذا يُعدّ إعداداً مهماً للانتقال لاحقاً إلى المدرسة الابتدائية

الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة يحتاجون إلى فرص لتطوير الاستقلالية وتحمل المسؤولية.

التمهيدي يوفّر تلك البيئة التي تشجع الطفل على اتخاذ قرارات بسيطة مثل اختيار الألعاب أو الأنشطة التي يفضلها. كما يتعلم الطفل الاعتناء بنفسه بطريقة تدريجية، مثل ترتيب ألعابه، غسل يديه، والجلوس بشكل منظم أثناء الأنشطة

هذه المهارات البسيطة، وإن بدت صغيرة، إلا أنها أساسية لتطوير شخصية الطفل وتنمية قدراته على الاعتماد على نفسه

من أهم فوائد التمهيدي هو تطوير المهارات اللغوية لدى الطفل. في بيئة التمهيدي، يستمع الطفل إلى القصص، الأغاني، والأحاديث، مما يساهم في تحسين مفرداته وتطوير قدرته على التعبير. وهذا يُعدّ أساساً مهماً لتسهيل تعلم القراءة والكتابة لاحقاً

الطفل الذي يلتحق بالتمهيدي يكتسب أيضاً القدرة على فهم التعليمات وتنفيذها، مما يعزز من إدراكه للغة وطريقة استخدامها في الحياة اليومية

في هذه المرحلة الحساسة، يحتاج الأطفال إلى بيئة آمنة ومحفزة تتيح لهم التعبير عن مشاعرهم بحرية. التمهيدي يساعد الطفل على فهم مشاعره والتحكم بها، كما يعلمهم التعاطف مع مشاعر الآخرين. وهذا يُعدّ جزءاً أساسياً من بناء شخصية متوازنة وسليمة

إلحاق الطفل بالتمهيدي يُسهم في تسهيل عملية الانتقال من الجو الأسري إلى المدرسة. فالطفل الذي يعتاد على الروتين المدرسي من خلال التمهيدي، يكون أكثر استعداداً للتعامل مع بيئة المدرسة الابتدائية، مما يُخفف من رهبة الانتقال ويعزز شعوره بالأمان والثقة

لا يقتصر دور الأسرة على مجرد إلحاق الطفل بالتمهيدي، بل يجب أن تكون شريكاً فعالاً في تنشئته خلال هذه المرحلة. فالأسرة يجب أن تُظهر اهتماماً بتطور الطفل، سواء من خلال متابعة أدائه في التمهيدي، أو توفير بيئة منزلية داعمة تُشجع على التعلم والاكتشاف.

فإن الاهتمام بالأبناء في مرحلة ما قبل المدرسة وإلحاقهم بالتمهيدي ليس ترفاً أو خياراً، بل هو ضرورة حتمية لتأسيسهم بشكل صحيح وتنمية قدراتهم بطريقة علمية ومدروسة. فهذه المرحلة تُمثل أساس بناء الشخصية، المهارات، والعلاقات الاجتماعية. وعلى الآباء أن يدركوا أن استثمار الوقت والجهد في هذه المرحلة سيؤتي ثماره في المستقبل، حيث يكون الطفل أكثر جاهزية لمواجهة تحديات الحياة بثقة ونجاح

لنحرص جميعاً على إعطاء أبنائنا الفرصة لتحقيق أفضل بداية ممكنة، لأنهم المستقبل الذي نبنيه اليوم.

LerningMaqal2

هند بنت عبدالنبي البلوشية : مدرسة طلبة التمهيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى