آراء

أمريكا والعرب.. تحالف أم تبعية؟

بقلم: سامر شعلان

Advertisement

أثارت تصريحات رئيس وزراء ووزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، جدلًا واسعًا بعد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مقرًا سكنيًا لأعضاء من حركة حماس في العاصمة الدوحة. فقد كشف في حديثه أن افتتاح مكتب حماس في قطر جرى أصلًا بناءً على طلب وتنسيق من الأمريكيين والإسرائيليين، ليكون قناة اتصال بشأن غزة طوال السنوات الماضية.

هذه الكلمات أعادت إلى ذاكرتي ما قاله رئيس وزراء قطر الأسبق، الشيخ حمد بن جاسم، حين صرح بأن العرب لم يكونوا يومًا شركاء لأمريكا، بل مجرد “مقاولين من الباطن”، ينفذون ما يُطلب منهم بدرجة أو بأخرى، إما خوفًا من القطيعة أو بحثًا عن الرضا. وأكد أن قوة أي دولة لا تأتي من الخارج، بل من الداخل، من التفاف شعبها حولها، وهو ما يجعل الغرب يحترمها.

Advertisement

وفي السياق ذاته، لفتني تصريح سكوت ريتر، الرئيس الأسبق للجنة الأمم المتحدة الخاصة بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، حين قال بوضوح: “أمريكا ليس لها حلفاء”. هذه العبارة تفتح الباب أمام تساؤل جوهري: إذا كانت واشنطن لا تعترف بمفهوم “الحليف” أصلًا، فما معنى إصرار بعض الحكام العرب على الترويج لفكرة أنهم “حلفاء أمريكا”؟

ما جرى في قطر يجيب على السؤال. فقد تعرضت الدوحة لضربة إسرائيلية تمت بتنسيق أمريكي، في وقت يُفترض أن واشنطن “شريك استراتيجي” لقطر وحامٍ لها، وهي التي تحتضن على أراضيها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة. لكن الواقع كشف أن الحديث عن “الحماية” مجرد وهم؛ إذ لم تقف أمريكا موقف الحليف، بل تواطأت مع المعتدي.

إن هذه الحادثة تؤكد أن واشنطن لا تنظر إلى قطر، ولا إلى غيرها من العواصم العربية، إلا بوصفها أوراقًا في لعبة المصالح. فالحليف الحقيقي لا يتخلى عنك وقت الخطر، ولا يتآمر مع من يستهدفك. أما التابع، فلا وزن له، ويمكن التضحية به في أي لحظة.

الحقيقة التي حاول ريتر تلخيصها تبدو واضحة: أمريكا ليست لها حلفاء، بل أتباع. وما يُسوَّق في عالمنا العربي على أنه “تحالف” ليس سوى ستار للتبعية. القرار في يد واشنطن، والكلمة العليا ليست للعواصم العربية، بل للبيت الأبيض الذي يحدد متى نصمت ومتى نتحدث، ومتى نُهاجَم ومتى نُترَك.

وهكذا يتضح أن من يفاخرون بالتحالف مع أمريكا يعرفون جيدًا أنهم لا يملكون استقلالية القرار. وما جرى في الدوحة ليس استثناءً، بل رسالة صريحة بأن حتى من يظن نفسه في قلب الحماية الأمريكية قد يجد نفسه في مرمى النيران إذا اقتضت المصالح ذلك.

يبقى السؤال: هل آن الأوان أن تعود الأنظمة العربية إلى شعوبها لتستمد منها القوة والحماية الحقيقية، بدلًا من الارتهان للخارج؟ أم أن خيار الاستمرار في التبعية أهون وأيسر؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى