خان يونس – فلسطين : أجود جرادات
يواصل الجيش الإسرائيلي بعد مرور أكثر من عام على أحداث السابع من أكتوبر 2023 ، حربه على قطاع غزة ، ويتعرض القطاع لعشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي ، مع ارتكاب مجازر ضد المدنيين ، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح غالبية السكان.
ويعيش الفلسطينيون في قطاع غزة في مخيمات مكتظة ، وتزداد معاناة النازحين من بيوتهم المدمرة ، وسط شح المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع ، وتزداد معاناة النازحين مع حلول فصل الشتاء ، وسط شح الملابس والأغطية ، حيث أصبح الشتاء مرتبطا بمآس جديدة يعيشها النازحون بسبب تداعيات الحرب المتواصلة.
“إبرة وخيط”
وتعيش الأسر في قطاع غزة مأساة حقيقية في فصل الشتاء ، إما بسبب الغرق أو لفقدان التدفئة والأغطية والملابس اللازمة للتعامل مع الأجواء شديدة البرودة ، وحتى إن وجدت الملابس فإنَّ سعرها يكون مرتفعا جداً ، ولموجهة هذه الأزمة أطلقت نداء عطية مبادرة “إبرة وخيط” ، لصنع الملابس الشتوية ، من خلال تدوير البطانيات وتحويلها لملابس للنازحين مع دخول فصل الشتاء.
وبدأت نداء مشروعها في ظروف صعبة ، حيث يتطلب جهداً كبيراً منها ومن العاملين معها ، وكانت الحياكة في بداية المبادرة بشكل يدوي في ظل انقطاع الكهرباء.
وتقول نداء لوكالة “سبوتنيك” عن مبادرتها : “مشغل إبرة وخيط نتج بسبب احتياج حقيقي ، وقد جاء فصل الشتاء للمرة الثانية في ظل الحرب ، دون دخول الأقمشة أو الملابس للقطاع ، والنازحون يحتاجون للملابس الدافئة في فصل الشتاء ، مثل احتياجهم للطعام ، ولأجل مواجهة أزمة شح الملابس وغلائها ، قمنا بهذا المشروع ، ومن خلال مباردة إبرة وخيط نحاول توفير جزء من كسوة الشتاء للنازحين ، من خلال حل بديل وهو إعادة تدوير البطانية الحرارية وتحويلها إلى ملابس شتوية ، تناسب الأطفال والكبار”.
وتضيف : “في البداية كانت الخياطة بشكل يدوي ، وبعدها دمجنا القطع البالية مع البطانية الحرارية ، ومن ثم نجحنا في توليد الطاقة من خلال دواسات دراجة متصلة بحزام مكينة الخياطة”.
وتقول النازحة فداء وحيد ، عن مبادرة “إبرة وخيط” : “لقد نزحنا من شمال غزة ، ولم نستطع أخذ ملابس شتوية معنا ، وقد حل علينا فصل الشتاء ولا يوجد ملابس دافئة لمواجهة برد الشتاء داخل الخيام ، ونظرا لعدم وجود ملابس شتوية في الأسواق ، وإن وجدت فسعرها غالي جدا ، لذلك جئنا إلى مشغل إبرة وخيط ، وحصلنا على ملابس شتوية من بطانيات حرارية ، دافئة ومظهرها جيد ، ومناسبة لفصل الشتاء ، فهذه المباردة رائعة للنازحين في فصل الشتاء”.
وتعتمد نداء في مبادرتها “إبرة وخيط” على متطوعين للعمل ، وبعضهم يحصلون على مبلغ بسيط ، وتباع الملابس التي يتم صنعها ، بربع أو أقل من سعر الملابس في قطاع غزة ، ويتراوح سعر القطعة التي تنتج في مبادرة “إبرة وخيط” حوالي (20-30) دولاراً ، لكن تكون التكلفة أقل بكثير لمن يحضرون معهم بطانيات.
وتقول نداء لوكالة “سبوتنيك” : “حاولنا في مشغل إبرة وخيط ، أن نجمع خياطين كانوا يعملون في مشاغل الخياطة قبل الحرب ، ونجحنا في توفير كسوة لعدد من مخيمات النازحين ، وكبرت المبادرة وأصبح لدينا ماكينات تعمل بالدراجة الهوائية كبديل للطاقة ، وكبديل عن الأزرار ، استعملنا صدف البحر ونوى البلح ، لمواجهة تحديات التصنيع”.
ويقول النازح يعقوب سلامة لـ “سبوتنيك” عن مبادرة “إبرة وخيط” : “مثل هذه المبادرات يجب دعمها ، لأنها ناجحة في توفير ملابس الشتاء ، وهي دافئة لأنَّ االبطانية صنعت للتدفئة ، وبالتالي الخامة ممتازة ، وحتى الشكل مقبول ، لذلك نحتاج مثل هذه المبادرات تجاه النازحين ، خاصة أننا مازلنا في حرب مستمرة في عامها الثاني”.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان “إنَّ إسرائيل تمنع أكثر من عام إدخال الأغطية والملابس والأحذية إلى قطاع غزة ، بما يشمل احتياجات الأطفال ، في ظل دخول موسم برد قارس وظروف إنسانية كارثية”.
وأشار الأورومتوسطي إلى دخول فصل الشتاء الثاني منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، في ظل نقص شديد في الملابس والأحذية التي مُنع دخولها من معابر القطاع منذ بداية الحرب ، وما دخل كجزء من المساعدات الإنسانية ، تم توزيعه على جزء صغير من النازحين الذين يبلغ عددهم نحو مليوني شخص.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ، وفي اليوم الـ 420 ارتفع عدد الشهداء منذ بداية الحرب على القطاع ، إلى 44,330 شهيد غالبيتهم من النساء والأطفال ، وإصابة 104,933آخرين.
وفي 7 أكتوبر، شنّ مقاتلون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي ، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية ، ورداً على هجوم حماس ، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء” على الحركة ، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة ، بينهم 30 ماتوا ، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.