موقف الحكام العرب من دعم أوكرانيا ضد روسيا .. هل يجب أن يُعالج في سياق العدالة الاجتماعية والقيم الإنسانية؟
بقلم : د. جمالات عبد الرحيم
في الوقت الذي تعاني فيه الشعوب العربية من أزمات متعددة ، يطرح سؤال ملح حول دور حكام العرب حيال الصراعات الدولية ، وعلى وجه الخصوص ، دعم أوكرانيا ضد روسيا. لقد أصبح من الواضح على الساحة الدولية أن هناك تداخلاً معقدًا بين الصراعات الإقليمية والسياسات الدولية ، مما يجعل موقف الحكام العرب أكثر تعقيدًا.
المساعدات العربية : للدعم أو للتمييع؟
في أعقاب الصراع الأوكراني ، اجتمعت القوى الغربية ، بقيادة الولايات المتحدة ، في عدة مناسبات لبحث سبل دعم أوكرانيا. وقد تجلى ذلك في الاجتماعات التي عقدت في جدة بقيادة ولي عهد السعودي. وفي هذه الاجتماعات ، طُلب من الحكام العرب دعم أوكرانيا بتمويل طائل ، وهو ما يطرحه تساؤلات حول دوافع هذا الدعم وتأثيره على الأوضاع العربية.
لكن ما يثير الدهشة هو أن نفس القوى التي تطالب بالدعم لأوكرانيا ، هي التي تتغاضى عن الانتهاكات التي تحدث في فلسطين ، حيث يعاني السكان من ويلات الاحتلال. كيف يمكن تفسير هذا التناقض؟ هناك قلق متزايد من أن الدعم العربي قد يُستخدم بطريقة ملتوية لتغذية سياسات لا تُعتبر عادلة تجاه الشعوب المظلومة.
صمت المجتمع الدولي والازدواجية في المعايير
ففي الوقت الذي يُطلب فيه من الحكام العرب القيام بدورهم في دعم أوكرانيا ، تُواصل الولايات المتحدة والغرب دعم إسرائيل ، وهو نظام يعتبر مسؤولاً عن جرائم ضد الإنسانية تُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة. وبالرغم من كل هذه الانتهاكات ، يستمر المجتمع الدولي في تجاهل معاناة الناس العاديين ، مما يجعل الحياة تزداد صعوبة، ولا حياة لمن تنادي.
وإذا قرر أي من الحكام العرب رفض مطالب النظام الديكتاتوري الأمريكي أو الصهيوني ، فإنه سيواجه عواقب وخيمة ، قد تشمل العزلة السياسية أو الاقتصادية. وهنا يأتي دور الهدنة الإنسانية لنرى كيف يتم استخدام المال كأسلوب للضغط على الدول لدعم أجندات معينة.
كما أن عدم استنكار الأنظمة العربية للسياسات التي تسببت في معاناة الملايين من الأبرياء ، أدى إلى إضعاف هيبتهم على الساحة الدولية. فبدلاً من الوقوف في وجه الظلم والاضطهاد ، ظلت العديد من الدول العربية تابعة للسياسات الغربية ، مما جعل صوتها ضعيفاً.
وفي ظل كل هذه التحديات ، قد يكون من المناسب أن يبدأ الحكام العرب في دراسة موقفهم من روسيا. خاصة وأن روسيا على الأقل لم تظهر تاريخيًا كتهديد مباشر للأنظمة العربية ، بل على العكس، كانت تجري بعض الشراكات الاستراتيجية لمواجهة التحديات المشتركة. لذا من المهم إعادة النظر في سياسات الدعم والمساعدات.
الخاتمة
إنّ موقف الحكام العرب من دعم أوكرانيا ضد روسيا ينبغي أن يُعالج في سياق العدالة الاجتماعية والقيم الإنسانية. ومن الضروري أن يتخذ الزعماء العرب موقفًا أكثر وضوحًا وشفافية ، يضمن دعم قضايا شعوبهم وأن يُظهروا للعالم أن حريّة العدالة قد تكون في صميم سياساتهم. في نهاية المطاف ، فإن الدعم المالي من الحكام العرب يجب أن يكون موجهًا نحو تعزيز الأمل ، وليس تعميق الفوضى.
د.جمالات عبد الرحيم : (خبيرة في العلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان ، خبيرة في أمن المعلومات ، خبيرة فساد مالي وإداري ، مستشار في التحكيم الدولي وحقوق الانسان ، مستشار في مكافحة الجرائم الدولية وغسيل الأموال ، مستشار علاقات دبلوماسية وقنصلية ، مفوض دبلوماسي خاص ، عضو دفاع وحقوق انسان ، خبيرة في التجميل والتغذية علاجية والطب البديل التكميلي ، أخصائية إرشاد أسري وصحة نفسية ، أخصائية طب طوارئ واسعافات أولية).