كيف يمكن الحفاظ على الهوية الثقافية العربية في ظل التحديات القائمة؟
بقلم : د.جمالات عبد الرحيم
على مدار عقود ، شهدت المنطقة العربية تدخلاً أجنبيًا عسكريًا وسياسيًا يتجاوز الحدود ، مما أثر سلبًا على الحضارات والثقافات المحلية. تتجلى هذه الظاهرة بشكل خاص في محاولات فرض قوانين تمييزية وعقائدية ، مما أدى إلى تآكل الهوية الوطنية وتشويه القيم الاجتماعية والدينية العميقة التي تربط الشعوب العربية بثقافاتهم.
التاريخ والتداخل الثقافي
منذ الاحتلال العسكري لبعض البلدان العربية ، بدأت الأيدي الأجنبية في تغيير المعالم الثقافية والسياسية للمنطقة. فقد أسهم الاحتلال في تفكيك الهياكل الاجتماعية وإضعاف الأنظمة السياسية التقليدية ، مما أدى إلى انعدام الأمن والاستقرار. استخدم المحتلون موارد البلدان المستعمرة لتحقيق مصالحهم ، تاركين آثاراً دائمة على المجتمع.
القوانين العنصرية والاستبدادية
تفرض الدول الأجنبية في كثير من الأحيان قوانين عنصرية لا تعبر عن الواقع الثقافي أو الاجتماعي العميق للبلاد. هذه القوانين تستند إلى مصالح سياسية أو اقتصادية ، مما يؤدي إلى مزيد من التهميش والانقسام بين فئات المجتمع. فعندما يتم إقصاء الأفكار المحلية وتفضيل الأيديولوجيات الخارجية ، يصبح من الصعب الحفاظ على الهوية الثقافية الحقيقية للشعوب.
هدم الحضارات
الجهود المؤسسية لتدمير التراث الثقافي العربي ، بما في ذلك الحضارة المصرية القديمة ، لا تزال قائمة. فقد شهدت الفترة الأخيرة تدمير العديد من الآثار ، مما يرمز إلى استهداف الذاكرة التاريخية لهذه المجتمعات. يُعد هذا التدمير ليس فقط اعتداءً على التاريخ ، وإنما تعدٍ على الهوية والانتماء.
مسؤولية المحاسبة
يجب أن يُطرح السؤال : من يحاسب هذه الدول على تدخلها في الشؤون العربية؟ يجب أن يتم المطالبة بمحاسبة الدول الأجنبية على أفعالها ، وسؤالها عن تاريخها الثقافي والديني والسياسي. كيف يمكن لدولة أن تفرض إرادتها على أخرى دون أن تتحمل مسؤولية تاريخها الاستعماري والتمييز العنصري داخل أراضيها؟
إحياء الهوية الثقافية
إذا أرادت الدول العربية استعادة قوتها الحضارية ، يتعين عليها العمل على إحياء هويتها الثقافية وتعزيز روح الوحدة. يجب التركيز على التعليم ونشر الوعي بمعاني الحضارات العربية ، مما يعزز الانتماء ويقتل الأفكار الهدامة التي قد تنجم عن التأثيرات الخارجية.
خاتمة
إن التحديات التي تواجهها الدول العربية نتيجة التدخل الأجنبي تتطلب رؤية استراتيجية واضحة لمواجهة هذه الضغوط. يجب أن نبني مجتمعات قادرة على مقاومة محاولات التهميش الثقافي ، والاستمرار في نشر قيمنا الحضارية ، والعمل على إحترام تاريخنا وثقافتنا. فالسير نحو المستقبل يتطلب فهمًا عميقًا لجذورنا كمجتمعات غنية ومتنوعة.
د.جمالات عبد الرحيم :(خبيرة في العلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان ، خبيرة في أمن المعلومات ، خبيرة فساد مالي وإداري ، مستشار في التحكيم الدولي وحقوق الانسان ، مستشار في مكافحة الجرائم الدولية وغسيل الأموال ، مستشار علاقات دبلوماسية وقنصلية ، مفوض دبلوماسي خاص ، عضو دفاع وحقوق انسان ، خبيرة في التجميل والتغذية علاجية والطب البديل التكميلي ، أخصائية إرشاد أسري وصحة نفسية ، أخصائية طب طوارئ واسعافات أولية).